للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الجرجانيات" وجهًا أن شرط الرهن في البيع يغني عن استئناف رهن، ويكون الشرط بمنزلة الإيجاب والقبول، وكلام المصنف مشعر بهذا، فإنه فسر عقد الرهن مع البيع بأن يشترطه فيه، والعلة فيه أن شرط الرهن مشتمل على التماسه، فقام مقام استيجابه.

المثال الرابع: أن يقول: بعتك على أن ترهنني، فيقول: اشتريت على هذا الشرط، فلا شك أن الوجه الذي حكاه الروياني يجري فيها، بل هي محله، ولعله يجعل قبول الشرط قائمًا مقام الإيجاب، وكلام المصنف بإطلاقه يقتضي هذا، لكن الأقرب أنه لا يكتفي بذلك؛ لأن قبول اشتراط الرهن معناه التزام أن ينشئ رهنًا، فلا يصح، يحصل الرهن بهذا؛ ولهذا إن أكثر الأصحاب ما أطلقوا الصحة إلا في صورة إذا قال: رهنت لينزل مع الشرط بمنزلة الإيجاب مع الاستيجاب، فينبغي تأويل كلام المصنف على ما صوره الجمهور ولا يحمل على ما قاله الروياني؛ لعدم اتجاهه، فإذن كلامه ينطبق على المثال الثالث، ويكون مخالفًا للقاضي حسين والبغوي وموافقًا لأكثر الأصحاب، ويحتمل أن يفصل في شرط الرهن، فيقال: إن قال: على أن ترهنني، فلا بد بعد القبول أن يقول: رهنت.

وإن قال: على أن يكون الشيء الفلاني رهنًا، وحصل القبول على هذا الشرط، كان رهنًا من غير أن يقول: رهنت، والفرق أنه في الأول قبل التزام إنشاء الرهن رهنًا قبل كونه رهنًا، فيصير رهنًا؛ لأن قبوله ذلك بمنزلة الإنشاء، فإن قلت: لِمَ لا يحمل كلام المصنف على المثال الأول، أو يجعله شاملًا له ولغيره؟ قلت: يصد عنه تصريحه بالاشتراط، وتعليله بأن الحاجة تدعو إلى شرطه بعد ثبوته وحال ثبوته، وإذا جاز على وجه الشرط؛ فلأن يجوز على سبيل المزج بالإيجاب والقبول الصريحين أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>