للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال:

ولا يجوز أخذه على دين الكتابة؛ لأن الرهن إنما جعل ليحفظ عوض ما زال [ملكه عنه] (١) من مال، ومنفعة، وعضو، والمعوض في الكتابة هو الرقبة، وهي باقية على ملكه لا يزول ملكه عنه (٢) إلا بالأداء، فلا حاجة به إلى الرهن؛ ولأن الرهن إنما يعقد لتوثيق الدين حتى لا يبطل، والمكاتب يملك أن يبطل الدين بالفسخ إذا شاء، فلا يصح توثيقه.

دين الكتابة هو النجوم التي كوتب عليها، والمشهور أنه لا يجوز أخذ الرهن عليها، والمشهور في تعليله أنه غير لازم ولا يؤول إلى اللزوم، وهو ما ذكره المصنف آخرًا، وهو معنى مناسب غير أن قوله: "إن الرهن إنما يعقد لتوثيق الدين حتى لا يبطل" فيه نظر؛ فإن المكاتب قد لا يفسخ ولا يجد السيد في يده وفاء فيعقد الرهن لهذا المقصود، ولم ينحصر القصد فيما ذكره.

وأما العلة الأولى في كلام المصنف، فقد يتوقف فيها من جهة أن العضو الفائت بالجناية، والبضع المقابل للصداق لا يقال: إنه كان عليهما ملك فزال إلا على جهة المجاز، ثم لقائل أن يقول: لِمَ قلت: إن الرهن منحصر في ذلك، بل الرهن جُعل ليحفظ كل دين ثابت في الذمة لازم وإن لم يكن مقابلًا، حتى لو أن شخصًا نذر أن يتصدق على فقير معين بدرهم وألزمناه بذلك، فله أن يرهن عليه فيما أظن، وأيضًا فإن لنا وجهًا أن ملك السيد يزول


(١) في المطبوع من المهذب: "عنه ملكه".
(٢) في المطبوع: "عنها".

<<  <  ج: ص:  >  >>