للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: رهنت هذا الثوب بالدين الذي لك عليَّ وهو لا يعرف قدره، أو قال: هذا الثوب بقدر قيمته لم يصح. انتهى. واعتبر المتولي أن يكون الدين معلوم الوجوب حتى لو كان يتوهم أنه له عليه دينًا، فارتهن به مالًا حتى إن ظهر الوجوب كان رهنًا، لم يصح العقد؛ لأن الرهن للتوثق، وما لا يعلم وجوبه لا يطالب به، فلا معنى لتوثيقه، قال: فعلى هذا لو باع مالًا من إنسان، ثم رهن عنده بالدرك رهنًا حتى إذا خرج مستحقًّا وانتزع من يده، كان المال رهنًا بالثمن لم يَصِحَّ، وبفارق ضمان الدرك؛ لأنه لا يتضمن مضرة. انتهى كلام المتولي. وما ذكره في صدر كلامه من اعتبار العلم بوجوب الدين قد يرد عليه إذا جوزنا رهن مال أبيه على ظن أنه حي فإذا هو ميت، فقياسه أن يصح إذا رهنه بدين يعتقد عدم وجوبه قبان وجوبه، والظاهر أن المتولي ما أراد إلا ما في آخر كلامه من الرهن بالعهدة وهو صحيح.

وقد قال الشيخ أبو حامد، والإمام الغزالي، وغيرهم، أن كل ما صح الرهن به صح ضمانه، وما لا، فلا، إلا أنها مسألة واحدة؛ وهي ضمان العهدة يصح على المذهب ولا يصح الرهن به.

وأما على تخريج ابن سريج أن ضمان العهدة لا يصح،، فالقاعدة مستمرة طردًا وعكسًا، وأما "أَلْقِ متاعك في البحر وعليَّ ضمانه"، فليس حقيقته حقيقة الضمان، فلا يحتاج إلى استثنائه، والمراد ضمان الذمة، أما كفالة البدن والأعيان المغصوبة، وكل عين مضمونة إذا ضمن ردها، فيصح على الصحيح، ولا يجوز الرهن بها، واستدل لاشتراط الدَّيْنِية في المرهون به وأنه لا يجوز على الأعيان، بقوله تعالى: ﴿إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ﴾ [البقرة: ٢٨٢] دل النص على جوازه في الدين والأعيان، ليست في معنى الدَّين، وكذا لا

<<  <  ج: ص:  >  >>