للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرافعي: "وأنت بسبيل من أن تقول: إذا لم تجد مَن يأخذه وديعة، ووجد مَن يأخذه رهنًا، وكان المرهون أكثر قيمة من القرض، وجب أن يجوز له الرهن" (١) - أي: حفظًا لذلك القدر الزائد من قيمة المرهون.

فإن صورة المسألة: إذا كان يأمن على المرهون في يد المرتهن ولا يأمن على ما يستقرضه، والحاجة داعية إلى ذلك للامتناع من أخذه وديعة.

نعم، يحتمل أن يقال: إذا لم يكن على مَن يأخذه وديعة ضرر في قبوله، ينبغي أن يجب عليه صيانة لمال اليتيم، ويصير ذلك من فروض الكفايات، وحينئذٍ يتجه أن يقال: لا يصح الرهن، كما أطلقه الصيدلاني، فإن صح ما قاله الرافعي مطلقًا، فينتفي إذا كان على اليتيم دين، وحصل نهب يخاف معه على ماله، ولم يمكن إعطاؤه في الدين، وأمكن حفظه في يد صاحب الدين، ولم يَرْضَ بأخذه وديعة أن يجوز رهنه عنده رهن تبرع، أعني: غير مشروط في عقد، ولو كان ما يستقرضه لا يخشى على تلفه، وما يرهنه يخشى عليه لو لم يرهنه، فلا شك أن الرهن جائز.

وكلام الصيدلاني محمول على ما إذا كان الخوف عليهما، ولو استقرض الولي لحاجته إلى نفقة، أو كسوة، أو وفاء دين، أو إصلاح ضياعه ومرمتها ارتقابًا لارتفاع غلاته، أو لحلول ماله من الدين المؤجل، أو لنفاق متاعه الكاسد، ورهن على ذلك، جائز، فإن لم يرتقب شيئًا من ذلك، فبيع ما يقدر رهنه أولى من الاستقراض.

وحكى ابن كجٍّ: أنه لا يجوز رهن مال الطفل بحال من الأحوال (٢)، وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الحجر بقية حكم ارتهان الولي، ولا فرق بين الطفل، والمجنون، والمحجور عليه بالسفه، ولا بين الأب، والجد،


(١) فتح العزيز (٤/ ٤٦٩).
(٢) انظر: فتح العزيز (٤/ ٤٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>