للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما مَن قال: إنها قبيحة، فلا يُقْبَل منه (١)؛ لأنها ثابتة في السبعة، وأبو عمرو إمام النحو قرأ بها، واشتقاق الرهن من قولهم: رهن الشيء إذا دام وثبت، يقال: نعمة راهنة، أي: دائمة ثابتة، ويقال من هذا المعنى: أرهنت لهم الطعام إرهانًا وهو طعام راهن، أي: دائم، فَسُمِّيَ الرهن رهنًا لثباته عند المرتهن ودوامه.

قال الواحدي: "ومن ثَمَّ يبطل الرهن إذا خرج من يد المرتهن؛ لزوال إدامة الإمساك" (٢). وهذا الذي قاله الواحدي لا يأتي على مذهبنا، فإنه يجوز أن يوضع في غير يد المرتهن، ولا يبطل الرهن، والرهن في الشرع يُطْلَقُ على المعنيين اللَّذين يُطْلَق عليهما في اللغة، يُطْلَق مصدرًا على جعل عين المال وثيقة بدين يستوفي منها عند تعذر استيفائه ممن عليه، ويُطْلَق اسمًا على العين المرهونة.

وعند الحنفية: الرهن: جعل المال محبوسًا بحق يمكن استيفاؤه من الرهن (٣)، ونحن نوافقهم على هذه العبارة، لكنهم شرحوها بما لا نوافقهم عليه، وهو أنه عقد استيفاء، بمعنى أنه: إذا قبضه المرتهن وتلف في يده، يقدر استيفاؤه للدَّين من وقت القبض؛ ولهذا يقولون: إنه مضمون؛ لأنه مقبوض قبض استيفاء.

وقالوا: إن للدين طرفين: طرف وجوب وطرف استيفاء (٤)، فالضمان وثيقة لطرف الوجوب، والرهن وثيقة لطرف الاستيفاء، وحرَّروا أن حكم الرهن عندهم صيرورته محبوسًا بالدين بإثبات يد الاستيفاء عليه. وعندنا،


(١) انظر: معاني القرآن للأخفش (١/ ٢٠٦).
(٢) التفسير البسيط (٤/ ٥١٥).
(٣) انظر: تبيين الحقائق (٦/ ٦٢) بنحوه.
(٤) انظر المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>