يجوز قرض شقص من دار، والذي جزم به الماوردي أن العقار لا يجوز قرضه، والأقرب تخريج قرض العقار على قرض الجواهر؛ بل أولى بالمنع؛ فإنه لا مثل له.
فإن أوجبنا في القرض المثلي الصوري امتنع وإلَّا جاز، أما الشقص إذا كان لا يزيد على النصف؛ فله مثل فيصح قرضه على الوجهين، وبهذا يصح الجمع بين كلام المتولي والماوردي، ولكن لم أرَ مَنْ صرح بذلك.
وأما المنافع، فقال صاحب "التتمة": "قرضها جائز عندنا حتى لو قال: أقرضتك منفعة عبدي أو داري شهرًا وسلم العين إليه صار مستحقًا للمنافع يتصرف فيها، فلو أراد أن يسترد منه قبل أن يستوفي حكمه حكم ما لو أقرضه عين مال، وكانت قائمة في يده".
وقال القاضي حسين في كتاب الغصب من "تعليقه": "إنه لا يجوز قرض منافع الدار"، وأطلق في "الفتاوى": "أنه لا يجوز قرض المنافع؛ لأنه لا يجوز السلم فيها"، وقد قدمنا في باب السلم أنه يجوز السلم في المنافع، وهو يشهد لما قاله صاحب "التتمة" لكن رد المثل في منفعة العقار غير ممكن؛ فليمتنع قرضه على قولنا: إن الواجب رد المثل.
وأما منفعة العبد وشبهه فالأقرب أن ذلك مما يمكن فيه رد المثل الصوري؛ فيصح بصحة السلم فيه؛ فتلخص من هذا صحة: اعتبار القرض بالسلم طردًا وعكسًا، كل ما صح السلم فيه صح قرضه إلَّا الجواري على ما سيأتي.
وهذا لا خلاف فيه، وكل ما لا يصح السلم فيه لا يصح قرضه على الأصح، وهذه العبارة وإن كانت موافقة لعبارة "التنبيه"، فعبارة "المهذب" أحسن منها؛ لأن السلم لا يصح إلَّا في دين، والقرض لا يشترط أن يكون دينًا؛ بل الغالب أن لا يكون إلَّا في عين.