على الصحيح الذي ذكر المصنف والعراقيون، وحكى المراوزة فيه وجهين أصلهما، فيما إذا قال له: اكتل لنفسك من صبرتي هذه قدر حقك ففعل ففي صحته وجهان؛ أصحهما: المنع لاتحاد القابض والمقبض، والسر فيه أنه إذا كان قابضًا لنفسه يحتاط لها، والمقبض يجب عليه وفاء الحق من غير زيادة، فاختلف الغرضان. ولما كانت الطباع لا تنضبط امتنع الجمع بينهما.
والثاني: يصح لوجود القبض صورة ومعنًى، والوجهان جاريان في قبض عبده ومدبره وأم ولده؛ لأن يدهم كيده، وصورة المسألة أن يتحدد من المأذون بعد قبضه للمسلم إليه نقل وتحويل لنفسه، أما قبله فلا يكون مقبوضًا له اتفاقًا، وهو -حينئذٍ- أمانة في يده، وبعد النقل إن لم يصحح قبضه لنفسه، كان مضمونا عليه كالمقبوض جزافًا.
الصورة الثالثة: أن يقول: اشتر لنفسك، فلا يصح الشراءُ اتفاقًا؛ لأنه لا يصحُّ أن يشتري بمال غيره شيئا لنفسه فإن اشترى فإن كان يعين تلك الدراهم لم يصحَّ، وإن اشترى في الذمة ملك الطعام والدراهم مضمونة عليه، وهذا الذي ذكرناه كله هو المعروف من كلام الشافعي والأصحاب.
وقد رأيت في "الأم" في باب بيع العروض: "وإذا سلف رجل رجلًا في عرض فدفع المسلِّف إلى المسلَّف ثمن ذلك العرض على أن يشتريه لنفسه ويقبضه كَرِهْتُ ذلك له، وإذا اشتراه وقبضه يبرأ منه المسلف، وسواء كان ذلك ببينة أو بغير بينة إذا تصادقا"(١)، ولم أفهم معنى ذلك، وظاهره أنه مع كراهيته لذلك إذا اشترى وقبض لنفسه، يقع عن المسلم إليه، ولا أعرف أحدًا من الأصحاب يقول ذلك.