للثاني لم يحصل للأول، ومن ضرورة عدم حصوله للأول فساد الثاني، ولا يمكن جعله لهما لما ذكر، ولأنه يلزم منه حصول الملك لمالكين في آنٍ واحد، وهو محال.
وعبارة الشافعي:"ولو أسلم في طعام وباع طعامًا آخر، وأحضر المشتري اكتياله من بائعه، وقال: اكتاله لك لم يجز؛ لأنه بيع الطعام قبل أن يقبض"(١).
واختلف الأصحاب في صورة المسألة، فالأصح: أن صورتها أن يسلم إلى رجل في طعام، ويكون عليه لآخر مثله، إما من سلم وإما من غيره، فلما حل الطعام قال لمن له عليه ذلك، ويكون قول الشافعي؛ لأنه بيع الطعام؛ أي: في معنى بيع الطعام؛ لأنه يصرف، وقيل صورتها: أن يبيع المسلم فيه قبل قبضه، ويقول لمشتريه ذلك، ولا شك أن كلا الصورتين القبض فيهما فاسد؛ ولذلك والله أعلم أجمل المصنف الكلام، وأتى بعبارة تشملها.
ويصح أن يصور كلامه بكل من الصورتين، لكن الأظهر من كلامه: أن المسلم إليه قال للمسلم: لي عند رجل طعام إما من سلم كما ذكروه في تصوير كلام الشافعي، وإما من غيره كقرض وضمان متلف وغير ذلك فهكذا ينبغي تصوير مسألة الكتاب، والحكم لا يختلف، وقد ذكر الأصحاب خمس مسائل:
إحداها: أن يقول: اذهب إلى من لي الطعام عنده فاكتل لنفسك.
الثانية: أن يقول: احضر اكتيالي منه حتى أكتاله لك، فحضر واكتاله فالقبض في المسألتين فاسد بلا إشكال، وكلام المصنف منطبق على الثانية، وإن كان أثناء كلامه منطبقًا على الأولى كما سيأتي، ولا يجري هنا الخلاف