وإن منعنا أن يكون جزافًا، لم يجز أن يسلم في شيئين مختلفين حتى يعين رأس مال كل واحد منهما وأجله؛ ليكون صفقة وقعت على بيعتين بثمنين حذرًا من أن يقع، وليس ثمن كل منهما معروفًا، نص عليه في "الأم"(١).
وإطلاق ذلك يشمل الحال، فيخرج لنا منه قول أن السلم في جنسين بثمن واحد لا يجوز، وإن كان حالًّا، وكذلك إطلاق الماوردي يقتضيه، وجعل السلم في جنسين، والسلم إلى أجلين مبنيًّا على هذين القولين، وإذا منعناه وجب عليه رد رأس المال إن كان باقيًا، فإن تلف رد مثله إن كان مثليًّا، وقيمته إن كان متقومًا، ولا يجب المسلم فيه؛ لأن العقد باطل.
وهذا الموضع من كلام الأصحاب أحد ما يدل على أن المثل في العقد الفاسد يضمن بالمثل، وقد صرح الأصحاب هنا بذلك، فهو يرد ما قاله الماوردي هناك من إيجاب القيمة مطلقًا، ومتى حصل اختلاف، فالقول قول المسلم إليه؛ لأنه غارم.