ويجوز أن يكون رأس المال في الذمة، ثم يعينه في المجلس، ويسلمه، ويجوز أن يكون معينًا.
هذا هو المشهور، ونقل الماوردي وجهًا عن أبي العباس بن صالح البصري وطائفة من البصريين: أنه لا يصح إلَّا أن يكون معينًا؛ فلا يجوز أن يسلم دنانير موصوفة في أثواب، ويقبضها في المجلس، وقد تقدم لنا في الصرف وجه مثله عن أبي عاصم العبادي، لكنه بعيد غريب في النقود، وإنما هو مشهور هناك في الطعام.
وفي كلام الإمام (١) هنا ما يقتضي جريان الوجهين في العوض الموصوف من العروض والقطع بالجواز في النقود، كما جزموا في الصرف على الطريقة المشهورة في النقود، وترددوا في الطعام، وقوله: ويجوز أن يكون معينًا، أي ويقبضه في المجلس.
وإذا عين ما في الذمة في المجلس صار، كالمعين في العقد على الأصح، ولو كان له في ذمة الغير دراهم فقال: أسلمت إليك الدراهم التي في ذمتك في كذا حالًّا وأحضره وسلمه في المجلس، فوجهان أصحهما البطلان؛ لأن قبض المسلم فيه، وإن كان حالًّا ليس بشرط، فهو تبرع.
وأحكام البيع لا تبنى على التبرعات، كما لو باع طعامًا بطعام إلى أجل، ثم تبرع بالإحضار لم يجز، وأطلق المتولي الوجهين في أن تسليم المسلم فيه في المجلس وهو حالٌّ هل يغني عن تسليم رأس المال؟ والأصح: