للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن المسلم، وقد سبق في نظيره من الصرف وجهان، وأنه إن قلنا: إنها استيفاء جاز، وقياس ذلك أن يأتي هنا قال الرافعي: "ولو قبضه المسلم وسلمه إلى المُسَلَّم إليه جاز" (١).

قلت: هذا بناء على ما ذكره؛ فإن الحوالة حينئذ تكون فاسدة، ووجودها، كعدمها، أما إن قلنا بالصحة على ما ذكر في الصرف، فالحق بسببها انتقل، فلا يصح قبل المسلم بعد ذلك ولا إقباضه للمسلم إليه.

ولو قال للمحال عليه: سلمه إليه، ففعل قال الرافعي: "لم يكف لصحة السلم؛ لأن الإنسان في إزالة ملكه لَا يصير وكيلًا للغير، لكن يجعل المسلم إليه وكيلًا عن المسلم في قبض ذلك، ثم السَّلم يقتضي قبضًا، ولا يمكنه أن يقبض من نفسه" (٢).

قلت: هذا على قوله بأن الحوالة فاسدة؛ فيكون كمديون قال له صاحب الدين: سلم ديني إلى فلان عمالة عليَّ لا يصح، وفي كون المسلم إليه يصير وكيلًا عن المسلم نظر؛ لأنه لم يأذن له في القبض، وإنما أذن لذاك في الدفع، ولو أحال المسلم إليه برأس المال فتفرقا قبل التسليم، فالعقد باطل، وإن جعلنا الحوالة قبضًا؛ لأن المعتبر في السلم القبض الحقيقي، ولو أحضر المسلم رأس المال؛ فقال المسلم إليه له سلمه إلى المحتال ففعل صح، ويكون المحتال وكيلا عن المسلم إليه في القبض، كذا قال الرافعي (٣).

ولا نزاع في أن المسلم إليه إذا وكل بقبض رأس المال يجوز إذا قبض الوكيل في المجلس، ولو كان رأس المال دراهم في الذمة فصالح عنها على مالٍ لم يصح، وإن قبض ما صالح عليه ولو كان عبدًا فأعتقه المسلم إليه قبل


(١) فتح العزيز (٩/ ٢١٣).
(٢) المصدر السابق (٩/ ٢١٣ - ٢١٤).
(٣) المصدر السابق (٩/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>