للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أشبه ذلك أوصاف يختلف بها الغرض والقيمة، ولا يجب التعرض لها" (١).

قلت: وهو وإن كان كذلك إلا أن الكتابة زيادة فضيلة الأصل دال على عدمها، والضعف الخارج عن العادة عيب، والقوة الزائدة فضيلة، والقدر المعتاد غالبًا هو الذي يجب بالعقد، فلما كان الأصل دالًّا على عدم الكتابة والعادة دالة على الغالب في القوة والضعف، لم يحتج إلى ذكره، وبترك كلام الأصحاب على الصفات التي لا تدل أصل، ولا غالب على واحد منها كالأمثلة التي ذكرها المصنف، وحينئذٍ لا يرد سؤال الرافعي.

وإذا أردت التصريح بذلك فقل بالصفات التي تختلف بها الأثمان، ولا يدل عليها ولا على مقابلها أصل ولا عرف، لكن هذا يقتضي أنه لا يتعرض للبكارة والثيوبة، وفيه خلاف سنذكره.

فإن أوجبنا التعرض له فذلك؛ لأن دلالة الأصل على البكارة قابلها دلالة الغلبة على الثيوبة، والقول بعدم إيجابه بعيد، وفيه بحث يأتي عن قرب.

وأورد الرافعي على قول الغزالي: "لا يصح السلم إلا في كل ما ينضبط منه الأوصاف المذكورة أن مقتضاه صحة السلم فيما جمع الأوصاف؛ لأن الاستثناء من النفي إثبات، وهو منقوص لما كان عزيز الوجود" (٢)، والمصنف سالم عن هذا الاعتراض؛ لأنه لم يجعله ضابطًا للمسلم فيه؛ بل ضابط الأوصاف الواجبة فيما يثبت جواز السلم فيه، لكن يبقى عليه أن شرط المسلم فيه أن يكون بما يضبط بالصفة، ولم يذكره.

وجواب هذا: أنه متى شرط الوصف بالأوصاف المنضبطة، فمن لازمه أن يكون ذلك الموصوف بما ينضبط أوصافه، هذا الكلام على الضابط،


(١) فتح العزيز (٩/ ٢٧٦ - ٢٧٧).
(٢) المصدر السابق (٩/ ٢٧٧). بتصريف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>