للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابنا نقلوا عنه رواية أنه اشترط وجوده عند العقد، وعند المحل دون ما بينهما، وهذا وإن لم يكن الحديث صريحًا في رده، لكنه لا معنى له.

قال الأصحاب: ما قبل المحل ليس محلًّا للتسليم، فلم يكن وجوده فيه شرطًا كما بعد المحل.

واحتجت الحنفية بحديث من رواية أبي إسحاق عن رجل من نجران عن ابن عمر، أن رسول الله قال: لا تُسْلِمُوا فِي النَّخْلِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ".

يعني: في ثمر النخل. رواه أبو داود (١) والبيهقي (٢).

ونهيه حكيمًا عن بيع ما ليس عنده، وبأنه قد يموت المسلم إليه قبل المحل، فيستحق عليه، فينبغي أن يكون شرطًا كما عند المحل.

واحتجت المالكية بقياس الابتداء على الانتهاء، فلما كانت القدرة عند المحل شرطًا كانت عند العقد شرطًا بطريق الأوْلَى، ألا ترى أن العبد الآبق تعتبر القدرة عليه عند العقد، ولا تعتبر ما بعد ذلك.

والجواب عن الحديث أنه من رواية رجل من أهل نجران وهو مجهول، ثم لو صح لحُمِلَ على بيع الأعيان، كما حمل حديث حكيم على بيع الأعيان، واحتمال موت المسلم إليه لا نظر إليه؛ لأن الأصل السلامة، وإلا لأبطلنا كل عقد لاحتمال التلف.

وأما ما ذكرته المالكية، فذلك في بيوع الأعيان، أما السلم، فحال المحل أقوى من حال العقد؛ لأنه لو كان موجودًا عند العقد معدومًا عند المحل كان باطلًا.


(١) في سنته (٣/ ٢٩٣) (برقم: ٣٤٦٩).
(٢) في الكبرى (٦/ ٢٤) (برقم: ١٠٨٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>