للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلنا: إنه ما اتصلت به [باء الثمنية] (١) كان هذا بيعًا، وإن قلنا: الثمن النقد كان هذا سلمًا.

وهذا مأخذ آخر للمسألة غير مراعاة اللفظ والمعنى، والماوردي حكى الخلاف فيما إذا قال: "بعتك هذا الدينار بقفيز حنطة في الذمة، هل يكون بيعًا أو سلمًا؛ نظرًا إلى اللفظ أو المعنى؟ " (٢)، وهو مشكل أيضًا؛ لأن المبيع الدينار وهو معين، إلَّا أن يراعى ما قاله القاضي، ويجعل الثمن النقد مطلقًا.

ويخرج لك من هذا: أنه ليس لنا بيع لفظًا ومعنى متفق عليه، إلَّا إذا باع معينًا بنقد، وما سوى ذلك أنه يتردد في بيع أو سلم.

وفي مسألة الماوردي (٣) يأتي وجه آخر بفساد العقد لتغير النظم إذا قلنا: لا ثمن إلَّا النقد، فإنه جعل الثمن غير نقد، وهو وجه ضعيف.

واعلم أن بين طريقة القاضي حسين وطريقة غيره تباينًا، فإن القاضي يقول: إذا ورد العقد بلفظ الشراء، فإن كانت الحنطة في الذمة والدراهم رأس مال.

فإن قلنا: الثمن النقد فهو سلم، وإلَّا فهو بيع، وإن كانت الدراهم في الذمة ورأس المال عرض. فإن قلنا: الثمن كان بيعًا وإلَّا كان سلمًا، والبغوي (٤) والرافعي (٥) في طائفة يقولون: هو بيع مطلقًا اعتبارًا بلفظه.

والعراقيون يقولون: هو سلم اعتبارًا بمعناه، فالتفصيل الذي ذكره القاضي مخالف للعراقيين عند جميع الأصحاب.


(١) في المخطوطة: "بالتمويه".
(٢)، (٣) الحاوي الكبير (٥/ ٣٨٩).
(٤) التهذيب (٤/ ٥٣٠).
(٥) فتح العزيز (٩/ ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>