للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه وجهان - كما ذكر المصنف - أصحهما عند العراقيين والروياني (١) والجرجاني: الثاني، وعليه يدل نص الشافعي في "الأم" (٢) في باب الخيار في السلف، وحكاه الشيخ أبو حامد (٣) وغيره عن نصه في "الإملاء"؛ لأن السلم أخص من البيع، فلم يتعارض فيه اللفظ والمعنى، ولا منافاة بينهما.

والأول: قال الرافعي: "إنه الأصح عند صاحب "التهذيب" وغيره" (٤).

وصححه في "المحرر" (٥)، والنووي في "الروضة" (٦)، والفارقي في كلامه على "المهذب"، وهو قول أبي إسحاق، وليس لهذا القول حجة إلَّا أحد أمرين:

إما أن يرى أن البيع مختص بالأعيان، وحينئذٍ إذا استعمل في الدين تعارض اللفظ والمعنى، ولكن هذا فاسد؛ لأنه لو اختص اسم البيع بالمعين لكان ينبغي أن يبطل إذا أضافه إلى الذمة على قول، ولا قائل به، وعلى هذا لا يكاد يظهر بينه وبين الصرف فرق.

وإما أن أن يرى بيع الموصوف في الذمة، ويُسَمَّى سلمًا إِلَّا إذا عبر عنه بلفظ السلم، وهو بعيد؛ لأن الألفاظ لا اعتبار بها، ثم يرد على البغوي أنه وافق على اعتبار المعنى في الإجارة الواردة على الذمة، فاشترط القبض في المجلس، وإن كان بلفظ الإجارة، وقد أجاب بعضهم عنه بكثرة الغرر في الإجارة؛ لأن المنافع جُوِّز العقد عليها للحاجة بخلاف الأعيان، والأكثرون خَرَّجُوا هذا الخلاف على أن النظر إلى اللفظ، أو إلى المعنى، وذلك في


(١) بحر المذهب للروياني (٥/ ١١٠).
(٢) الأم (٣/ ١٣٦).
(٣) الوجيز (ص: ١٥٤).
(٤) فتح العزيز (٩/ ٢٢٤).
(٥) (ص: ١٥٤).
(٦) روضة الطالبين (٤/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>