للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويؤيده أن الماوردي قال في المسافة المتوسطة: "إذا ألحقناها بالبعيدة وجعلناه كالمفلس، يخير البائع بين الرجوع والصبر، فإن صبر أطلق تصرف المشتري في المبيع وغيره" (١)، والمفهوم من فحوى كلام الأصحاب أن هذا الفسخ لا يحتاج إلى تسليط الحاكم عليه.

والثاني: وهو الأصح عند صاحب "التهذيب" (٢)، ويشمله كلام المصنف في "التنبيه" (٣) أنه لا فسخ، ولكن تباع السلعة ويوفى من ثمنها حق البائع، فإن فضل شيء فهو للمشتري، وشبهه صاحب "التهذيب" (٤) بمن ظفر بغير جنس حقه، وهذان الوجهان مشهوران في طريقة العراقيين وغيرهم.

والثالث: حكاه الإمام عن ابن سريج في "الوسيط" (٥) أنه الصحيح، أنه يرد المبيع إلى البائع، ويحجر على المشتري ويمهل إلى الإحضار، ولا يفسخ إلَّا إذا امتنع الوصول إلى الثمن بعينه شاسعة يعد مثلها امتناعًا. واحتج الرافعي (٦) له بأن الشافعي لم يذكر في حالة الغيبة إلا الحجر، وخص الرجوع بحالة الإفلاس، لكن القاضي حسين حمل الغيبة في كلام الشافعي على الغيبة في البلد عن المجلس وهو بعيد؛ لمخالفته إطلاق الغيبة، ولئلا يكون الشافعي لم يستوعب الأقسام، إذا عرفت ذلك علمت أن الأوجه الثلاثة متفقة على أن للغيبة البعيدة أثرًا مخالفًا لحكم الحضر، فأثرها على الوجه الأول: الفسخ، وعلى الثاني: البيع، وعلى الثالث: الرد إلى يد البائع، فإن ابن سريج في الحضور، يقول: ببقاء السلعة في يد


(١) الحاوي الكبير (٥/ ٣٠٩).
(٢) التهذيب (٣/ ٥١٢).
(٣) التنبية (ص: ٩٧).
(٤) التهذيب (٣/ ٥١٢).
(٥) الوسيط في المذهب (٣/ ١٥٨).
(٦) فتح العزيز (٨/ ٤٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>