للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسليم الثمن، فإن لم يقبضه قبضه القاضي عنه.

وقيل: يبرئ القاضي البائع عن ضمانه، فتصير يده يد أمانة، حتى لو تلف في يده لم ينفسخ البيع، وعبر الغزالي عن هذا بأنه: "يرفع الأمر إلى القاضي حتى يودعه عنده" (١)؛ أي: يبرئه، فيصير وديعة عنده بأمر الحاكم هكذا أوَّله ابن أبي الدم.

وفي "البسيط": أن القاضي يقبضه ثم يودعه عنده، فإنه أولى الناس به، وعلى هذا يكون وجهًا آخر، وكأنه نزّل القول بالإبراء على هذا المعنى، وإن لم يجد قاضيًا، وامتنع المشتري من قبضه أثم، وبقي (٢) في ضمان البائع. وقيل: يقبضه البائع بنفسه عن نفسه للضرورة، كما في الظفر، ولم يطرد هذا الوجه في الدَّيْن ولا الوجه القائل بإبراء القاضي، ومع ذلك رد هذا الوجه بأن فيه قبضًا لغيره مما تجب يده.

وفي مثل هذا لا يجوز اتحاد القابض والمقبض بخلاف مسألة الظفر، فإنه قابض لنفسه من مال غيره الذي ليس تحت يده، وإن لزم منه اتحاد القابض والمقبض، لكنه في هذا النوع غير ممتنع بخلاف الأول، وفيما ذكروه هنا دليل على عرض المبيع على المشترى، والامتناع من قبضه لا يصيرُه أمانة.

وظاهر ذلك مخالف لما صححه الرافعي (٣) وغيره، أن وضعه بين يدي المشتري كاف؛ إذ لو كان ذلك كافيًا لكان طريقًا للخلاص، وسيأتي بعد كراسة كلام في ذلك، ولم يحصل به بيان الضرورة التي ذكروها هنا إذا اكتفينا بذلك في القبض، ولا كان لإجبار القاضي معنًى إذا حصل القبض بالوضع، وصورة المسألة التي صحح الرافعي حصول القبض فيها "أن يأتي


(١) الوسيط في المذهب (٣/ ١٥٧).
(٢) في المخطوطة زيادة: "من".
(٣) فتح العزيز (٨/ ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>