للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل الشيخ أبو حامد في حكايتهم لكلام الشافعي المذكور في باب الاستبراء القول الثالث، وهو اختيارهما على التسليم من عدل، عن سعيد بن سالم القداح، وكذلك الماوردي (١) والمحاملي، ولم أر أنا ذلك في كلام الشافعي، ولعله في نسخة أخرى من "الأم" أو في موضع آخر.

ثم ادعى أبو حامد والمحاملي أن القول المذكور هو الأول بعينه؛ لأن الحاكم كالعدل، فهي في الصورة ثلاثة أقوال، وفي الحقيقة قولان، وسبقهما إلى ذلك أبو إسحاق المروزي، وسيأتي الكلام في ذلك، وأما هنا فلا حاجة بنا إليه؛ لأن كلًّا منهما لم يجزه، ونحن لا نثبت إلَّا ما اختاره لنفسه.

قال الماوردي: "وامتنع سائر أصحابنا من جعلها واحدًا، وجعلوا كل واحد منهما مخالفًا لصاحبه؛ لأن الدفع والتسليم في القول الأول إلى الحاكم، فكان بحكمه، وها هنا الحكم منه في نصب الأمين والأمر بالتسليم فاختلفا" (٢).

قلت: وهذا فيه نظر، فإن مقتضاه أن القولين مشتركان في الإجبار، لكن على الأول يُجبرهما على الدفع إلى الحاكم، وعلى الثاني يجبرهما على الدفع إلى العدل، فيقول: إن كان العدل نائبًا عن الحاكم فَيَدُهُ كَيَدِهِ، فلا يكون بينه وبين الأول مغايرة في المعنى، كما قال الشيخ أبو حامد.

وإن كان العدل يقيمة الحاكم نائبًا عنهما، فيبعده أمران:

أحدهما: أنه يصير التسليم إليه كتسليم كل منهما لصاحبه، وتعود المشاححة فيه، فلا فرق في إجبار واحد منهما بين تسليمه إلى صاحبه وتسليمه إلى العدل.


(١) الحاوي (٥/ ٣٠٨).
(٢) الحاوي (٥/ ٣٠٨) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>