الكلام على أن القول قول البائع، فيحلف ثم يحلف المشتري إن لم يوافق، وذلك هو التحالف حتى يوفق بينه وبين المشهور في المذهب، ويكون مراد المزني أن البائع إذا قال: بعت بشرط الخيار لا ينقض إقراره، ويلزمه البيع بلا خيار، وهذا - والله أعلم - مراد المزني، فإنه احتج بذلك بعد تبعيض الإقرار، فلا جرم لا يتوهم منه جريان خلاف للشافعي، نعم، نقل الهروي عن ابن سريج أنه لا يثبت التحالف إذا اختلفا في الخيار والأجل، بل القول قول البائع.
وكذلك قال أبو حنيفة (١): لا يتحالفان؛ لأن هذه الأشياء قد يخلو العقد عنها، ولأن مقصود العقد العوضان، وهذه الأشياء ليست هي المقصود منه، وأقوى ما يتقوى به مذهبه العلة الأولى، فإن قول المنكر لهذه الشروط معتضد بالأصل؛ لاتفاقهما على العقد واختلافهما في انضمام شيء إليه والأصل عدمه.
لكن أصحابنا أثبتوا التحالف في ذلك؛ تمسكًا بإطلاق الحديث الذي استدلوا به، وبأن صفات العقد ملحقة بأصله، فكان لها حُكمه في التحالف، وبأن هذه الشروط تأخذ قسطًا من الثمن، فصارت كأجزاء الثمن، وبأنها قد تكون مقصودة، ولذلك يشترط، وكون العقد قد يخلو عنها منقوض بالاختلاف في قدر المبيع والثمن، فإن الزيادة قد يخلو العقد عنها. واعلم أن الاختلاف في المقدار في هذه الأمور كالاختلاف في مقدار الثمن سواء، وليس أحد منهما معضودًا بأصل، فإن من يدعي شرط خيار يوم مخالف لمن يدعي خيار يومين من غير إلحاق.
وأما الاختلاف في الأصل، فمن ينكر شرط الخيار لا ريبة في أن الأصل معه، وغاية ما يدفع ذلك بأن المنكر مدَّع ورود البيع من غير شرط، لكنا
(١) انظر: البحر الرائق (٧/ ٢١٩)، حاشية ابن عابدين (٥/ ٥٥٩).