للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقر، فلا يثبت شيء، فعلى هذا لا يجري التحالف في مسألتنا للتغاير بين الألفين، فيؤخذ من كلام الإمام والغزالي في باب اختلاف المتبايعين.

وفي باب الإقرار أن الأصح عندهما التحالف في مسألتنا كما اختاره القاضي أبو الطيب، وابن الصباغ، وصاحب "التتمة"، وكما صححه الغزالي في نظيرها في الصداق بخلاف ما قاله الرافعي (١) أن الإمام (٢) اختار عدم التحالف، ومع ذلك لا أستجيز أن أنقل عن الإمام أنه اختار التحالف؛ لتوقفه في المسألة كما تقدم، ولكن من لازم كلامه في البابين يلزمه ذلك، وإلا يتناقض كلامه، أو يكون مراده أن الخلاف يلتفت على ذلك الأصل، وإن لم يكن الصحيح كالصحيح فقد بان لك أنا إذا نظرنا إلى المأخذ الذي ذكره الإمام يرجح القول بالتحالف، وبه يصح المأخذ الذي ادعاه ابن الصباغ.

وأما المأخذ الذي يجيء إليه صاحب "التتمة" من إثبات التحالف مع تسليم أنهما عقدان، فقد تقدم أن في كلام الأصحاب ما يشهد له، لكن يلزم إحرازه في سائر صور الاختلاف، وعند هذا أقول: إن الاختلاف على مراتب أخصها أن يتفقا على عقد خاص ومعقود عليه معين، ويختلفا فيما وراء ذلك، كما إذا اتفقا على بيع ومبيع معين واختلفا في ثمنه، أو في زيادة مع المبيع، أو اتفقا على بيع وثمن معين، واختلفا في عين المبيع، فهاتان الصورتان موضع الجزم بالتحالف؛ لأن في كلتا الصورتين اتفقا على شيء مشخص ورد العقد الخاص عليه، وانتقل من ملك أحدهما إلى ملك الآخر.

وأعمها بالنسبة إلى غرضنا أن يحصل الاتفاق على البيع ويختلفا في المعقود عليه المعين من الطرفين، كما إذا قال: بعتك هذا العبد بهذه الجارية، فقال: بل بعتني هذه الدار بهذا البستان، فها هنا لا تحالف قطعًا


(١) فتح العزيز (٩/ ١٥٦).
(٢) نهاية المطلب (٥/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>