للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبارة الرافعي (١) وغيره، حيث عللوا بأن اليمين تعرض؛ ليخاف الظالم، فيقر، وإقرار الوكيل على موكله غير مقبول، وأنت تعلم أن الوكيل إذا كان مأذونًا له في العقد وأقر بأنه عقد على الوجه المأذون فيه قبل قوله، وصدق على موكله على أحد القولين؛ لأنه يملك الإنشاء.

وتعليل الرافعي لا يستقيم بإطلاقه إلَّا على القول الثاني الذي يجعل القول قول الموكل، وعبارة المصنف سالمة عن ذلك؛ إذ رجوعه عما أقر به أو لا، لا شك في عدم قبوله، ومسألتنا في الرجوع لا في الإقرار المبتدأ، فإن كان مراد الرافعي (٢) إقرار الوكيل بعد أن أقر أولًا، فذلك تأويل لكلامه على ما صرح به المصنف، واستغنى عن الإرادة أو التعليل بشيء مختلف فيه.

والجواب عما استدلوا به لهذا الوجه الثاني يظهر مما تقدم عن الماوردي: "أن الوكيل بالشراء إذا نكل يلزمه البيع، والوكيل بالبيع إذا نكل يلزمه فاضل الثمن للبائع" (٣)، أي: ويرجع الثمن للمشتري، فقد ظهر لعرض اليمين فائدة، وهو جواز النكول، فيحصل هذا الغرض أو الإقرار، فيحصل هذا الغرض أيضًا؛ إذ لا فرق هنا بين النكول والإقرار كما سبق.

فقول صاحب هذا الوجه لم يقبل الرجوع إن أراد في حق الموكل فمسلم، وقد تبين أن فائدة الرجوع لا تجلب ضررًا على الموكل، وإن أراد في حق نفسه فممنوع، فقد تبين صحة الوجه الأول وضعف مأخذ الثاني.

وقول المصنف: "إذا كان البيع بين وكيلين" يخرج ما إذا كان الوكيلان في الخصومة، والبيع قد جرى بين الموكلين، فلا يحلف الوكيلان أصلًا.


(١) فتح العزيز (٩/ ٢٠٣).
(٢) فتح العزيز (٩/ ٢٠٣).
(٣) الحاوي الكبير (٥/ ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>