للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وقد يكون الماوردي اقتصر على ذكر أحد الوجهين في ورود الفسخ على العين، فلا تكون طريقة ثالثة وجزمه بأنه لا ينفسخ الرهن زيادة فائدة لم يتعرض لها فيما تقدم على قول ورود الفسخ على العين، ويتبين لأنا وإن قلنا برجوع الملك إلى البائع لا ينفسخ الرهن، بل يصير حكمه حكم المستعار للرهن، وقد يتخذ من هذا أن البائع إذا طلب تأخير القيمة بعد الفسخ لا يجاب على الأصح، بل يجبر على قبولها، وإن أخر الفسخ.

أجيب: وهذا الذي وعدت بالتنبيه عليه، وإن كان الرافعي (١) أطلق القول بأن البائع مخير بين الصبر إلى الفكاك وبين أخذ القيمة، وحيث قلنا: يجاب على قولنا بأن القيمة للحيلولة على وجه؛ فذلك لأنها غير الحق وليس كما لو طلَّق قبل الدخول والصداق مرهون حيث يجبره على قبول القيمة؛ لأنها عين الحق، فهذا ما يتعلق بالمرهون الآبق، فإذا قال البائع: لا آخذ القيمة، وأصبر إلى رجوع الآبق، فإن كان ذلك قبل الفسخ. أجيب: على مقتضى ما تقدم من أن الفسخ ليس على الفور، وإن كان بعد الفسخ، فإن قلنا: الفسخ وارد على القيمة، فهل يجبر على قبولها أو الإبراء أو لا يجبر؟! يُبْنَى على نظيره فيمن له دين حالّ، هل يجبر على قبضه حيث لا مانع منه أو يبرأ، وإن قلنا: الفسخ وارد على العين وبدل المشتري القيمة مخافة أن يطلبها منه في وقت بخلو يده عن النقد فيه، فهل يجبر البائع على قبولها؟!

قال ابن الرفعة: لم أرَ فيه نقلًا، ويشبه أن يكون فيه وجهان، كما ذكرهما الغزالي فيما إذا طلق الزوج والصداق مرهون، وقال: أنتظر الفكاك للرجوع.


(١) فتح العزيز (٩/ ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>