وحقيقة الخلاف ترجع إلى أنا هل نلاحظ في الفسوخ بالنسبة إلى الملك شرائط العقود أو لا؟! ولأجل ذلك جرى الخلاف فيما إذا باع حليًّا زِنْتُه ألف بألف، ثم اطلع على عيب به بعد حدوث عيب انكسار به عند (١) المشتري، فهل يلاحظ فيه قاعدة الربويات حتى يمتنع أخذ الأرش عن القديم أو الحادث أو لا يلاحظ؟ بل يغرم البائع أرش العيب القديم، وإن كان الغزالي جعل باديه غير ذلك، وشاهد ما ذكرته طرد الخلاف فيما إذا غصب حُليًّا زنته ألف وقيمته أكثر من ذلك، وتلف في يده، وهو من جنس نقد البلد.
قلت: وإطلاق القول بأنه يُرَاعى في الفسوخ شرائط العقود يقتضي ألَّا يجوز رجوع البائع عند فلس المشتري في الآبق، وقد تقدم خلافه.
ومسألة الحلي قد تقدم إشباع الكلام فيها، ولا يلزم أن يكون مأخذها ما ذكر، وليس في مسألة الغصب شاهد بَيِّن لما ذكره؛ لأنه لا فسخ فيها. والله أعلم.
إذا عرفت هذا الخلاف في مسألة الإباق والكتابة والإجارة والرهن، ففائدة إذا عاد الآبق أو زالت الكتابة والرهن والإجارة، فإن قلنا: الفسخ وارد على القيمة، كما في التلف فلا يجب على المشتري رد الآبق والمكاتب والمرهون والمؤجر بعد زوال الموانع على البائع لبقائهم على ملكه، ولا يلزم البائع قبوله، وليس للمشتري المطالبة بما بدل من القيمة فلو تراضيا على رده جاز.
قال ابن الرفعة: لكنا هل نجعل تراضيهما بمنزلة ابتداء ابتياع حتى يشترط فيه ما يشترط في الابتداء؟! فيه نظر، واحتمال يقرب مما إذا قلنا تنفيذ الوارث للوصية ابتداء عطية منه.