للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع

لو ادعى رجل على رجلين أنهما رهناه عبدهما بمائة وأقبضاه، فأنكراه - الرهن أو الرهن والدَّين جميعًا؛ فالقول قولهما مع اليمين، وإن صدقه أحدهما فنصيبه رهن بخمسين، والقول قول المكذب في نصيبه مع يمينه؛ فلو شهد المصدق للمدعي على شريكه المكذب قبلت شهادته.

فإن شهد معه آخر أو حلف المدعي ثبت رهن الجميع، ولو زعم كل منهما أنه ما رهن نصيبه وأن شريكه رهن وشهد عليه، فوجهان، ويقال: قولان؛ أحدهما: لا تقبل شهادته؛ لأن كل واحد يزعم أن صاحبه كاذب ظالم بالجحود، وطعن المشهود له في الشاهد يمنع قبول شهادته له.

وأصحهما: تقبل، وبه قال الأكثرون؛ لأنهما ربما نسيا، وإن تعمدا فالكذبة الواحدة لا توجب الفسق.

ولهذا لو تخاصم رجلان في شيء، ثم شهدا في حادثة قبلت شهادتهما، وإن كان أحدهما كاذبًا في ذلك التخاصم، كذا قال الرافعي (١)، ولك أن تقول: الكذبة الواحدة لا تفسق إذا لم تكن جحدًا لحقٍّ واجب، ولا دعوى لما لم يجب، أما إذا كانت كذلك، فينبغي أن تكون مفسقة.

نعم، ها هنا مخلص آخر وهو احتمال ألا يكون متعمدًا؛ لأنه يحتمل شبهة عرضت له إما نسيان وإما غيره حملته على الإنكار، فإذا قلنا: تقبل شهادته، فإذا حلف مع كل منهما أو أقام شاهدًا آخر ثبت رهن الكل، وعن أبي الحسين بن القطان أن الذي شهد أولًا تقبل شهادته دون الذي شهد آخرًا؛ لأنه انتهض خصمًا منتقمًا (٢).


(١) فتح العزيز (٤/ ٥٣٠).
(٢) انظر المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>