أراد: لا يتفق قبضه بحيث يلتبس موته على قابضها؛ لأنه لا يقبض إلَّا ظاهرًا، لكن هذا خلاف الفرض؛ لأن الفرض أنه قبضه في محمل أو ملفوفًا، وما أشبه ذلك، ولا فرق بين العبد في المحمل والعصير في الظرف؛ ولهذا كان جمهور الأصحاب على طريقة القولين.
وفي "البحر": "أنها قول أبي إسحاق ونصَّ عليها في "الأم""(١)، وخطر لي أن ذلك غلط في نسخة "البحر"، وأن الناسخ نقل ذلك من المسألة المتقدمة إلى هذه، فإن هذه لم أرها منصوصة، بل القاضي حسين استنبط الخلاف فيها من القولين في المسألة المتقدمة، والقاضي حسين لم يبتكر ذلك، فقد سبقه إليه الشيخ أبو حامد.
نعم، استنبط القاضي حسين مع ذلك الخلاف في فرع آخر؛ وهو إذا اشترى مائعًا وجاء بظرف قبضه البائع فيه، فوجدت فيه فأرة ميتة، فقال البائع: كانت في ظرفك، وقال المشتري: بل قبضته وفيه الفأرة، ففيمن يصدق القولان؟ أحدهما: البائع، ويحمل على أن الفأرة كانت في ظرف المشتري، ولا ذلك يمنع من صحة القبض؛ لأن المائع إذا حصل في فضاء الظرف ثبت له حكم القبض جزءًا فجزءًا قبل أن يلقي النجاسة.
والثاني: يصدق المشتري ويثبت له الخيار في فسخ البيع، كما لو تحققنا طريانها قبل القبض، والأول أصح. ولو زعم المشتري أنها كانت فيه يوم البيع، فهذا اختلاف في أن العقد جرى صحيحًا أو فاسدًا، والأصح تصديق مدعي الصحة.