للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصحاب قاطعين بقبول قول الراهن في ذلك، والوجه المذكور في "النهاية" غريب، وإنما الوجهان مشهوران فيما إذا ادعى الراهن أن المرتهن قبضه بإذن في جهة أخرى سوى الرهن. فأحد الوجهين: أن القول قول المرتهن؛ لأنهما اتفقا على قبض مأذون فيه، وأراد الراهن أن يصرفه إلى جهة أخرى؛ والظاهر خلافه لتقدم العقد المحوج إلى القبض.

وأصحهما - وهو المنصوص: أن القول قول الراهن؛ لأن الأصل عدم اللزوم، وعدم إذنه في القبض عن الرهن. وحكى الإمام هذين الوجهين (١) كما حكيناهما؟

وأما الوجه إذا ادعى الغصب، فإنما حكاه مع تضعيفه واستبعاده وأنه غير معتدٍّ به، ومع ذلك إنما حكاه في صورة يتفقان فيها على تقدم الرهن، فلو لم يتفقا على ذلك فلم نر أحدًا اكتفى بدلالة اليد، وقال بتصديق دعوى المرتهن إلَّا ما يقتضيه إطلاق الغزالي حكاية الوجه في الدعاوى، وإطلاقه يمكن أن يحمل على الصورة التي ذكرها الإمام، ولا يثبت خلاف فيما إذا تنازعا في أصل الرهن، وقد أشرنا إلى ذلك قريبًا.

وكما أنَّا جعلنا تقدُّم الرهن قرينة رجّحنا بها قول المرتهن في دعواه القبض إليه، ولم نقبل دعوى الراهن إسناده إلى غيره على أحد الوجهين كذلك يقول صاحب الوجه الضعيف؛ فيجعل تقدم الرهن مرجحًا لدعواه، فإذا فقد تقدم الرهن لم يبق إلَّا اليد فقد لا يقول بها.

وقول المصنف: "لأن الأصل عدم الإذن" يشمل حالة دعوى الغصب؛ لأن الأصل عدم الإذن مطلقًا وحالة دعوى الإذن في غير جهة الرهن؛ لأن الأصل عدم الإذن في الرهن، وقوله: ولأنهما لو اختلفا إلى آخره هو ما


(١) نهاية المطلب (٦/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>