قال: رهنتك داري بألف أخذتها منك، وقال المقر له بالرهن: بل اشتريت منك عبدك بهذه الألف تحالفا، ولم تكن الدار رهنًا ولا العبد بيعًا، وكانت له عليه ألف بلا، رهن ولا بيع" (١). انتهى.
وهذان المثالان نص ما قاله المصنف والمحاملي فلا اعتراض عليهما لكن لا بد من الجواب عما ذكره الفارقي وابن أبي عصرون وصاحب "البيان"، والذي خطر لي فيه الآن أن اليمين على عدم القرض الذي ادعاه السيد، أما على قولنا: إنه ليس للمقرض الرجوع في القرض بعد القبض، كما هو أحد الوجهين أو أنه لم يرد الرجوع، فيستفيد السيد بتحليفه أنه قد ينكل، فيرد اليمين عليه فيحلف، ويثبت القرض، ويبقى الألف على ملكه؛ ولذلك قيدها الشافعي والمصنف بما إذا قال: أخذتها.
وأما المسألة الثالثة: فلم يعترف فيها بالأخذ؛ ولذلك لم يقل المصنف فيها: على السيد الألف كما قال في الثانية، فلا جَرَم لا يمين فيها على المرتهن، وأظنه حصل تقديم وتأخير في بعض النسخ فوقعت المسألة الثالثة ثانية، ولزوم الألف للسيد في المسألة الثانية ينبغي أن يتخرج على الخلاف فيما إذا أقر لشخص بألف من جهة فوافقه على ثبوتها وخالفه في الجهة: هل يلزم أو لا؟! والصحيح: اللزوم.
وإنما لم يحتج في المسألة الثالثة إلى حلف الآخر؛ لأن الرهن حق له لا عليه، وقول المصنف: متى أنكر المرتهن الرهن زال الرهن قدمنا قريبًا الكلام على مثله وقلنا: إنه إن أريد في الظاهر فذلك لا خلاف فيه، وإن أريد في الباطن، فيلتفت على أن إنكار العقود الجائزة هل يكون فسخًا أو لا؟ وممن وافق الفارقي في المسألة الثانية وقال: إنه لا يمين على الآخر"،