للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراهن في الحق أنه لزمه بغير رهن، والقول قول المرتهن في الرهن أنه وثيقة في الحق. ألا تراه قال بعده: ويحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه، وهما لا يتحالفان إلَّا في مسألة البيع" (١). انتهى ما قاله الماوردي.

وقد ظهر لك بما ذكرناه أنه ينبغي أن يكون في المسألة طريقان؛ إحداهما: تأويل كلام المزني، والقطع في رهن التبرع بأن القول قول الراهن، وفي المشروط في بيع بالتحالف.

والثانية: إثبات خلاف ما اعتمده المصنف، والقائلون بهذا لم أر أحدًا منهم طرده في المسألة الأولى، وهي ما إذا قال: رهنتني العبدين، فقال: أحدهما، بل جزموا فيها بأن القول قول الراهن إلَّا ما تقدم من كلام الفوراني وابن الرفعة ولعله بالتخريج لا بالنقل.

وكلام بقية الأصحاب يشير إلى إبطال قوله بتلك المسائل لاطراده فيها، وهذا شأن الأقوال الضعيفة أن يرد عليها بالمسائل المتفق عليها؛ إما للعلم بأن صاحبها لا يطرد قوله فيها، وإما لأنه لو طرده لورد عليه أكثر مما ورد عليه في المسألة التي تكلم فيها. أما أنَّا نأخذ كل قول ضعيف نطرده في كل ما يساوي محله فليس من دأب العلماء، وكم من قول يكون ضعفه يخفى على قائله في محله، فإذا قدّر عند نفسه طرده في مواضع أخرى ربما كاع عنه وتجلى له ضعفه؛ فلذلك قلت: إنه لا يجوز نقله في المسائل المتقدمة لا سيما في تنازعهما في أصل الرهن.

نعم، هو لازم لقائله، فإما أن يطرده، وإما أن يفرق، وإما أن يرجع عن قوله - وهو الصواب ها هنا؛ ولذلك لم يقبله أحد، بل الأصحاب منقسمون إلى مغلط ومتأول، والأقوال اللازمة للمذاهب إنما تنسب على أصحاب


(١) الحاوي الكبير (٦/ ١٩٥ - ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>