حكم الغنم ذكرها ومقصوده هنا الضمان، فلم يذكر الطريق التي هي فيه، واقتصر على قوله:"الرهن ممن رهنه"، فإنه الناصر على أنه من ضمان الراهن، وإن كان قوله:"وعليه غرمه" أيضًا يدل له، وقوله:"قضى"، إما أن يحمل على قضاء عام، كقوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ﴾ [الإسراء: ٢٣]، أي: أمر، وإما أن يكون قضى في واقعة خاصة، فإنا قدمنا عن ابن أبي شيبة رواية قصِّه فيها القضاء بذلك، وإن كان الحكم يعم، وتقدم الكلام على تفسير الحديث.
وقد اختلف العلماء في ضمان الرهن. قال ابن المنذر: "افترق أهل العلم في الرهن يهلك عند المرتهن خمس فرق، فقالت فرقة: يترادان الفضل روي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال عبيد الله بن الحسن، وأبو عبيد وإسحاق.
وقالت فرقة: يكون من مال الراهن وحق المرتهن ثابت على الراهن، هذا قول الشافعي، وأحمد، وأبي ثور.
وقالت فرقة: ذهبت الرهان بما فيها. يروى هذا القول عن شريح، والحسن، والشعبي.
وقالت فرقة: إن كان الرهن أكثر مما رهن فيه فهلك، فهو بما فيه، والمرتهن أمين في الفضل، وإن كان أقل رد عليه النقصان، هكذا قال النخعي، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي.
وقالت فرقة: إن كان الرهن مما يظهر تلفه مثل الحيوان والأرض والدار، فهو من الراهن إذا علم بهلاكه، وإن كان مما لا يعلم فهو من مال المرتهن وهو لقيمته ضامن، هذا قول مالك.
قال أبو بكر: بقول الشافعي أقول؛ لأن ملك الرهن للراهن وإذا تلف