للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلده، فوجهان؛ أحدهما و به قال ابن خيران، واختاره القاضي الروياني (١): أنه يعود الرهن كما إذا انقلبت الخمر خلًّا.

وأصحهما وبه قال الأكثرون: لا يعود؛ لأن ماليته مخلوقة بالصبغة والمعالجة، وليس العائد ذلك الملك، وهذا قول أبي إسحاق فيما حكاه المصنف، والمحاملي، والبغوي (٢)، والروياني (٣)، وأما الماوردي (٤)، فإنه نقله عن ابن أبي هريرة، ونقل الوجه الأول عن أبي إسحاق.

وقد تقدم نقل الماوردي عن ابن خيران أن بانقلاب العصير خمرًا يبين بطلان الرهن، فلم يحصل في نقل الماوردي عن ابن خيران منافاة، وأما إذا ضَمَمنا ما نقله الماوردي إلى ما نقله المصنف عنه فيعسر الجمع بينهما؛ لأنه على نقل الماوردي يقول: تبيين البطلان بالتخمر، وعلى نقل المصنف ومن وافقه نقول: يعود إلى الجلد بالدباغ، ومن ضرورة ذلك أن العقد باقٍ في الشاة الميتة، ومتى بقي في الميتة بقي في الخمر، فالقول بارتفاعه تبينا في العصير إذا تخمر، وببقائه في الحيوان إذا مات حتى يعود بالدباغ لا يجتمعان، وقد حاول ابن الرفعة الجمع بينهما بأن يكون قال ما قاله في الحيوان إذا مات ودُبغ جلده تفريعًا على المذهب لا على رأيه، ويكون قوله في أنه يتبين البطلان رأيًا له.

والماوردي لما حكى "عن أبي حنيفة أنه لا يعود الرهن في الخل إلَّا بعقد مستأنف، وأنه قول ابن خيران استدل له بأشياء؛ منها: أن جلد الشاة المرهونة إذا دبغ بعد الموت لا يعود إلى الرهن، ثم أجاب بأن فيه وجهين؛


(١) بحر المذهب (٥/ ٢٤٨).
(٢) التهذيب (٤/ ٤٤).
(٣) بحر المذهب (٥/ ٢٤٨).
(٤) الحاوي الكبير (٦/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>