للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالة الثانية: أن يكون تخمُّره قبل القبض، ففي بطلان الرهن البطلان الكلي وجهان؛ أحدهما: نعم؛ لاختلال المحل في حال ضعف الراهن وجوازه.

والثاني: لا، كما لو تخمر بعد القبض.

وبالأول جزم ابن الصباغ (١)، والروياني (٢)، والعمراني (٣)، ولكن صحح الرافعي في "المحرر" (٤)، والنووي في "الروضة" (٥) الثاني.

وقال الرافعي في "الشرح": إن قضية إيراد الأئمة ترجيحه؛ لأنهم قرنوا هذا الخلاف من الخلاف في صورة عروض الجنون، أو بنوه عليه، فقالوا: إن ألحقنا الرهن بالوكالة بطل بعروض الجنون وانقلابه خمرًا قبل القبض، وإن ألحقناه بالبيع الجائز لم يبطل، وقد مرَّ أن الثاني أظهر" (٦).

قلتُ: والخلاف فيما إذا عرض الجنون ضعيف جدًّا، إنما قال بالبطلان أبو إسحاق، وقد تقدَّم أنه رجع عنه، فكذلك الخلاف هُنا أقوى منه هناك، وإن كان الإمام قرَّبه منه.

قال ابن الرفعة: "ويشبه أن يكون أصل الوجهين ما إذا غصب عصيرًا، فصار خمرًا، ثم صار خلًّا، فالخل للمغصوب منه، وهل يلزم الغاصب مثل العصير؛ لأنه بانقلابه خمرًا زالت المالية فيه، وعوده خلًّا نعمة من الله تعالى جديدة أو أرش النقص؛ لأنه غير العصير؟ فيه وجهان يقربان من


(١) نقله عنه العمراني في البيان (٦/ ١٠٦).
(٢) بحر المذهب (٥/ ٢٤٩).
(٣) البيان (٦/ ١٠٦).
(٤) المحرر (ص: ١٦٧).
(٥) روضة الطالبين (٤/ ٧١).
(٦) فتح العزيز (١٠/ ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>