وعبَّر الروياني عن هذا الغرض بأن "الرهن هنا انفسخ الزوال الملك، والملك إذا زال زال بحقوقه فإذا عاد عاد بحقوقه، وإذا انفسخ الرهن والملك باقٍ لا يعود إلَّا بعقدٍ جديد"(١).
وعبارة الماوردي: لأن البطلان يوصف به أثر العقد من الملك في البيع والهبة ونحوها، والاستحقاق في الرهن والانفساخ وصف للعقود ومعناه ارتفاعها، ونحن لا نقول: إذا تخمر العصير أنه انفسخ العقد الذي الذي ملكه به، ولكن بطل الملك الذي هو من آثاره والعقد باقٍ، يظهر أثره إذا تخلل، وكذلك عقد الرهن باقٍ، والزائل بالتخمر ما اقتضاه من ثبوت اليد والاستحقاق، وإطلاقنا البطلان عليه ليس إلَّا بهذا المعنى.
ولما كان الرهن يطلق على الاستحقاق أطلقنا أن الرهن بطل، وأما عقد الرهن فما بطل؛ إذ لو بطل لم يعد كما أن عقد البيع على العصير لا نقول: إنه بطل، وإنما هو انقطاع أثره، ألا ترى أن من ورث عصيرًا فتخمر لا يقال: بطل إرثه، وإنما يقال: بطل ملكه الذي هو أثر إرثه، كذلك هُنا، فالإرث والشراء وعقد الرهن كلها سواء في المعنى، ومن فهم هذا المعنى وتحققه لم يحتج أن يقول: إن العقد تبين بطلانه كما قاله ابن خيران، ولا يحتاج أن يقول: إن حكم التخمُّر موقوف إن عاد إلى الخَلِّيَّة، بان أن الرهن لم يبطل وإلَّا تبين بطلانه، وكيف يقال هذا، ونحن إذا عاد إلى الخلِّيَّة لا نقول: تبين لنا أنه كان مملوكًا وقت الخمرية.
والماوردي ﵀ لما فرق بين بطلان الرهن بزوال الملك وبطلانه بغيره قال: "على أن بطلان الرهن لا يكون مُنبرمًا باستحالته خمرًا، وإنما يكون مُراعًى، فإن صار خلًّا، بان أن الرهن لم يبطل، وإن لم يصر خلًّا بان أنه قد