للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع

وعدنا أن نذكر من كلام الماوردي ما يقتضي مباينة طريق العراقيين الطريق المراوزة، وذلك أنه علل قول ابن أبي هريرة "بأن الجناية منسوبة إلى السيد وجنايات السيد إذا أعسر بها لم يجز أن تباع فيها أمواله المرهونة" (١)، وعلل قول أبي إسحاق "بأن الجناية عن العبد صدرت ومن فعله حدثت، وإنما غلب فيها السيد إذا أمكن أخذها من ماله، فإذا تعذر فأولى الأمور أن يباع فيها العبد الجاني، فإذا بيع بكل الرهن، فإن أيسر السيد بها فيما بعد أخذت منه قيمة العبد تكون رهنًا أو قصاصًا.

قال أبو إسحاق: وكذلك لو أن رجلًا بالغًا عاقلًا أمر صبيًّا صغيرًا بقتل إنسانٍ، فقتله كان القود على الآمر، فإن عفا ولي الجناية عن القود إلى الدية، وكان الرجل الآمر بها معسرًا أخذت الدية من مال الصبي القاتل وكانت الدية دينًا للصبي على الرجل يرجع عليه إذا أيسر بها، وعلى قول ابن أبي هريرة لا يجوز أن تؤخذ الدية من مال الصبي وتكون دينًا على الرجل الآمر يؤخذ بها إذا أيسر" (٢).

قلت: والقول بأنها تؤخذ من مال الصبي الذي لا يميز حال إعسار الآمر غريبٌ، وطرد ابن إسحاق قوله فيه، قد نقله الماوردي كما رأيت، وتعليله يرشد إلى تخصيصه بحالة الإعسار، وإن ذلك مع إطلاق المراوزة الوجهين موسرًا كان السيد أو معسرًا لزم طرد وجه في الصبي، وإن كان الرجل الآمر موسرًا، وهو في غاية البعد، وعلى تقدير ثبوته بمعناه أنه طريق في الضمان والقرار على الرجل الآمر.


(١) الحاوي (٦/ ١٦٦).
(٢) الحاوي (٦/ ١٦٦ - ١٦٧) بمعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>