للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلك المسألة على أحد القولين، وهو أن يكون الثمن رهنًا مكانه، صح الإذن على أحد القولين أيضًا، ولما فسد الشرط في هذه المسألة قولًا واحدًا، وهو تعجيل الثمن من حقه قبل محله فسد الإذن والبيع قولًا واحدًا، وهذه طريقة البصريين، وكثير من غيرهم، وإليها أشار المصنف بردِّه على المزني، وحُكي عن أبي إسحاق المروزي أنه خرجها على قولين، كالمسألة قبلها، أحد القولين: أن الإذن فاسدٌ والبيع مفسوخ والرهن بحاله، والقول الثاني: أن الإذن صحيح والبيع ماضٍ والشرط مفسوخ، ويكون الثمن رهنًا مكانه، فلا يلزمه تعجيله، وهذا قول المزني بعينه، وممن قال به أبو حنيفة (١)، وممن حكاه عن أبي إسحاق المحاملي في "التجريد"، والماوردي (٢). والمصنف، وغيرهم، وقال المحاملي في "المجموع": لم يذكر أبو إسحاق هذا في "الشرح"، ولا هو صحيح عنه، وقال الإمام: "إن العراقيين زيفوه؛ لأن التعويل فيما يُنقل عن أبي إسحاق على ما يوجد في "شرحه"، وهذا لم يوجد في "شرحه" (٣).

قلت: ومما يبعده عن أبي إسحاق أن الشيخ أبا حامد لما نقل استدلال المزني بمسألة الوكيل قال: أجاب عنه أصحابنا أبو إسحاق وغيره بأن هناك يحصل للوكيل أجرة المثل، وإن لم يحصل له العشر، واعلم أن قول المزني وأبي إسحاق يشتركان في الصورة ويختلفان في المأخذ، فالمزني أخذه من مسألة الوكيل، وأبو إسحاق أخذه من المسألة السابقة، إذ اشترط أن يكون رهنًا، فلا يمتنع أن يكون أبو إسحاق ردَّ مأخذ المزني، وإن أثبت قوله بمأخذ آخر.


(١) انظر: التجريد للقدوري (٦/ ٢٧٨٨).
(٢) الحاوي (٦/ ٧٣).
(٣) نهاية المطلب (٦/ ١٢٥) بمعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>