اليمين، وإنما امتنع العتق لحق المرتهن، فحق المرتهن مانع من العتق الذي وجد محله وسببه، ولك أن تُسَمِّي ملك اليمين محلًّا، ولك أن تسميه سببًا ومقتضيًا، وأما محل الطلاق وهو العصمة وقيد النكاح، فلا شك أنها حاصلة للعبد، ولكن العصمة الثابتة للعبد تقتضي طلقتين، وهل هي مقتضية للطلقة الثالثة بشرط الحرية، أو بعد الحرية يتجدد المقتضى للطلقة الثالثة الذي يتجه الثاني، ثم هل ذلك المتجدد المقتضي للثالثة هو الحرية، أو الحرية مقتضية لعصمة كاملة أكمل من التي كانت، وتلك العصمة مقتضية لملك الثلاث فيه بحث، ولا يُستنكر كون العصمة مراتب، ألا ترى أن الرجعية ولو روجعت تبقى بطلقتين أو طلقة، والعصمة ثابتة، وتقول: إن الطلاق الرجعي شعَّث النكاح، وما أزال العصمة، أي: بالكلية، ولما كان في محل الطلاق هذا البحث أعرض الإمام عنه، واكتفى بأن الطلقة الثالثة ليست مملوكة للعبد، ولا شك أن الفقهاء يُطلقون على الشيء أنه مملوك منع منه مانع كما قلناه في عتق الرهن، فأراد الإمام أن الطلقة الثالثة ليست كذلك؛ لأنه لم يوجد سببها، وهو الحرية، أو كمال العصمة الناشئة عن الحرية المسماة بالمحل، إذ الطلاق تصرف فيها، ويلاقيها، ولا يلزم من صحة التعليق فيما ملك سببه ومحله، وامتنعت مباشرته لمانع صحة تعليق ما لم يوجد سببه، ولا يحال الامتناع فيه على المانع، بل على عدم المقتضي، وخلاصة الفرق أن التعليق في الرهن مع قيام المقتضي، وفي الطلاق قبله، ولكنا بسطناه بهذه العبارة.