للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقبضه ساعة، وإذا قيل له: لم وهو مالك وقد باع بيعًا صحيحًا؟ قال: فيه حق لغيره حال بينه وبين أن يخرجه من الرهن فقبل، فإذا منعته أن يخرجه من الرهن بعوض يأخذه لعلة أن يؤديه إلى صاحبه، أو يعطيه إياه صاحبه رهنًا مكانه، أو قال: أبيعه لا يتلف ثم أدفع الثمن رهنًا، فقلت: لا، إلَّا برضا المرتهن ومنعته وهو مالك أن نرهنه من غيره، فأبطلت الرهن إن فعل ومنعته وهو مالكٌ أن يخدمه ساعةً، وكانت حجتك فيه أنه قد أوجب فيه شيئًا لغيره، فكيف أجزتَ له أن يعتقه، فيخرجه من الرهن الإخراج الذي لا تعود فيه أبدًا، لقد منعته من الأقل وأعطيته الأكثر.

فإن قال: أستسعيه. فالاستسعاء أيضًا ظلم للعبد وللمرتهن، أرأيت إن كانت أمةً تساوي ألوفًا يعلم أنها عاجزة عن اكتساب نفقتها في أي شيء تسعى، أو رأيت إن كان الدين حالًّا، أو إلى يوم فأعتقته، ولعل العبد يهلك ولا مال له، والأمة، فيبطل حق هذا أو بسعي منه مائة سنة، ثم لعله لا يؤدي منه كبير شيء، ولعل الراهن مفلس لا يجد درهمًا، فقد أتلفت حق صاحب الرهن ولم ينتفع برهنه.

فمرة يجعل الدين بملك إذا هلك الرهن؛ لأنه فيه زعيم، ومرة ينظر إلى الذي فيه الدين، فيجيز فيه عتق صاحبه، ويتلف فيه حق الغريم، وهذا قول متباين، وإنما يرتهن الرجل بحقه؛ ليكون أحسن حالًا ممن لم يرتهن، والمرتهن في أكثر قول من قال هذا أسوأ حالًا من الذي لم يرتهن، وما شيء أيسر على من يستخف بذمته من أن يسأل صاحب الرهن أن يعيره إياه، إما يخدمه أو يرهنه، فإذا أبى قال: لأخرجه من يدك، فأعتقه فتلف حق المرتهن، ولم يجد عند الراهن وفاء.

قال الشافعي: ولا أدري أتراه يرجع بالدين على الغريم المعتق أم لا؟ قال

<<  <  ج: ص:  >  >>