للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: التحالف موجب الفسخ، فجريانه كوجود العيب بالنسبة إليهما.

قلت: لم يقم على ذلك دليل، فإنا إن أخذنا ذلك من جهة التعذر لم يستمر إلى فَيْءِ المحق خاصة، وإن أخذناه من الحديث، فهو إنما يقتضي أن المشتري بالخيار بعد حلف البائع، فإن أخذنا بظاهره اقتضى إثبات الخيار للمشتري فقط، وأنه إذا فسخ نفذ ظاهرًا وباطنًا، محقًّا (١) كان أو مبطلًا، ولا ينفذ من البائع ظاهرًا ولا باطنًا محقًّا كان أو مبطلًا، وهذا لا يُعرف من قال به، وإن قلنا بما قاله الأصحاب في تفسيره من أنه مخير إن شاء أخذه بما حلف عليه البائع، وإن شاء حلف، لم يكن فيه دليل على الحكم بعد التحالف لا في فسخ ولا انفساخ، ومن جملة ما استدل به للوجه الثاني: أن حكم الحاكم لا يُحيل الأمور عما هي عليه، وهو الاستدلال ضعيف؛ لأن هذا إنشاء فسخ كإنشائه الفسوخ والعقود، وليس كالحكم والإلزام الذي نقول بأنه لا يعبر ما في نفس الأمر.

وممن صحح الانفساخ ظاهرًا وباطنًا الروياني في "الحلية" على قوله: إن الفاسخ هو الحاكم وهو صحيح؛ لأن الحاكم كالمحق.

وأيدَّ الهروي الوجه الثالث بما تقدم عن الشافعي: أن البائع إذا ادعى البيع بثمن وأنكره المشتري وحلف عليه، يأمرهما الحاكم بالفسخ، فإن لم يفعل، فإن ذهب ذاهب إلى أنه يصير ملكًا للبائع بالجحود، والحلف كان مذهبًا، وقال: إن التفصيل المذكور أخذ من هذا النص، ولم يتبين لي وجه أخذه من ذلك تبينًا واضحًا.

ثم قال الهروي: إذا قلنا: الفسخ ينفذ في الظاهر دون الباطن من غير تفصيل، فلو كان البائع مظلومًا هل يثبت له فسخ البيع، "فيدخلوا بان] (٢)


(١) في المخطوطة: "فحقا" والصواب ما أثبتناه.
(٢) كذا في المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>