للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعَث بالرهن إلى بلدٍ فبيع فيه واستوفى الثمن كان البيع جائًزا، وكان ضامنًا إن هلك ثمنه، وإنما أجزت البيع؛ لأنه لم يتعد في البيع إنما تعدى في إخراج المبيع، فكان كمن باع عبدًا فأخرجه ثمنه، فيجوز البيع بإذن سيده، ويضمن ثمنه بإخراجه بلا أمر سيده". انتهى.

ولك أن تقول: سبق أنه إذا باع بما لا يُتغابن به واسترجَعَ العين، وقد حكمنا بضمانها فباعها، وقبض الثمن يكون في يده أمانة؛ لأنه لم يتعدَّ فيه جزم به الرافعي في هذا الباب (١)، وفي باب الوكالة (٢) وعلى قياسه هنا ينبغي ألا يكون ضامنًا لثمنه، وإن ضمن الأصل بنقله من الكوفة إلى البصرة إلا أن يُفرق بأنه بنقله المبيع وأخذ ثمنه في البلد الأخرى كأنه نقل الثمن، كما يُشير إليه كلام الشافعي، فلذلك ضمن الثمن؛ لتعديه فيه، وفي تلك المسألة لم يتعَدَّ في الثمن، بل حَصَّله على وفق مُراد الموكل، والتعدي مقصورٌ على العين، وقد زالت، فإن صح هذا الفرق، فينبغي أن نفصِّل في المسألة السابقة بين أن يُرجع العين ويبيعها في تلك البلد أو بلدٍ أخرى.

فرع: إذا ادعى العدل قبض الثمن من المشتري وأنكره الراهن، فالقول قول الراهن على أصح الوجهين؛ لأن العدل يدَّعي ما يُبرئ المشتري من الضمان، بخلاف ما لو ادعى دفعه إلى الراهن حيث قبل منه قول العدل؛ لأنه ادعى ما يُبرئ نفسه من الضمان، قاله الجرجاني وفي الرافعي في الوكالة ما يوافقه (٣) إذا كان الاختلاف قبل تسليم المبيع أو بعده، ولكن كان أذن له في التسليم قبل قبض الثمن، فإن كان بعد تسليمه


(١) فتح العزيز (٤/ ٥٠٠).
(٢) فتح العزيز (٥/ ٢٤٩).
(٣) انظر المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>