للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعضها يتعين فيه الإطلاق، ولذلك إن البغوي حيث فرَّع لم يذكر إلا تلك الصور التي نقلناها من كلامه، ولا يرد عليه فيها شيء.

المسألة الخامسة: ذكرها القاضي حسين أن يقول: بعهُ من نفسك، فلا يصح، وهذا واضح على أن فيه خلافًا مَحلّهُ كتاب الوكالة، وبعضهم أوَّل كلام الشافعي على هذا، فقال: "معناه لم يجز أن يبيعه نفسه" (١)، وهو تأويل بعيد، وما نختم به الكلام في هذا الفرع أن الإمام قال: "بنى بعض أصحابنا الوجهين في الصحة والفساد حيث تتطرق التهمة على الوجهين إذا وَكَّل وكيلًا ببيع ماله، فباع من أبيه أو ابنه" (٢). انتهى.

وهذا يقتضي جريان الوجهين فيما إذا قال: بعهُ لي فباعه، وهو غائب، وأنه لا يُجزم بالصحة فيها، وإن قول القاضي حسين ومن تبعه بالصحة فيها، إنما هو على القول بأنه يجوز بيع الوكيل من أبيه وابنه البالغ وهو الأصح، هذا إن صح البناء المذكور، ولهم أن يُنازعوا فيه ويقولوا: إنه لو نصَّ على البيع منهما صح، وإن تطرقت التهمة لرضاه بها فكذلك هنا، وإنما المنع من البيع لهما عند الإطلاق لاقتضاء العُرف حمل المطلق من الإذن على غيرهما ولا كذلك هُنا وهذا هو المختار، فاللائق لمن يراعي التهمة أن يصحح؛ غيبةً وحضورًا، ولمن يراعي الاستحقاق أن يمنع؛ غيبةً وحضورًا.

* * *


(١) انظر: نهاية المطلب (٦/ ١٧٩).
(٢) نهاية المطلب (٦/ ١٨٠) بمعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>