للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع: لو أذن الراهن للمرتهن في بيعه بنفسه فباع في غيبة الراهن، فوجهان؛ أحدهما -وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد: يصح كما لو أذن لأجنبي أو له في بيع غيره، وأصحهما عند الرافعي والجمهور: لا يصح (١)، ونقله ابن أبي شيبة عن النخعي؛ لأنه يبيعه لغرض نفسه فيتهم في الاستعجال وترك النظر، ولأن البيع مستحق للمرتهن بعد حلول الحق والكلام مفروض فيه، وإذا كان كذلك صار كالبيع من نفسه، وإن باعه بحضوره فوجهان؛ أصحهما: عند الشيخ أبي حامد، وطائفة أنه لا يصح للعلة الثانية.

وعند الجمهور: أنه يصح لانتفاء العلَّة الأولى، وظاهر النصِّ الصحة في الحضور.

قال الماوردي: "التوكيل في بيع يختلف فيه قصد الوكيل، والموكل لا يصح" (٢)، وقاسه على التوكيل في بيع من نفسه أو شرائها من نفسه- يعني: وهو باطل في الأصح على أنه يمكن الفرق بأن البطلان هناك؛ لاقتضاء العقد تعدد اللفظ والعاقد، وإنما اغتفرناه في الأب والجدِّ على خلاف القياس، وأما هنا فليس إلا التهمة، وقد جوَّزوا للوكيل البيع من أبيه وابنه البالغ في الأصح، بل لو نصَّ له الموكل على ذلك لم يجر الخلاف، وهنا إذا نص له على البيع في غيبته، فقد رضي فلا وجه للمنع فالذي أختارهُ في هذه المسألة الجواز. ونص الشافعي الذي استندَ إليه الأصحاب هو قوله في "المختصر": "ولو شرط المرتهن إذا حل الحق أن يبيعه لم يجز أن يبيع لنفسه إلا بأن يحضره ربُّ الرهن، فإن امتنع أمر الحاكم ببيعه" (٣). هذا


(١) انظر: فتح العزيز (٤/ ٥٠٠).
(٢) الحاوي الكبير (٦/ ١٢٩).
(٣) مختصر المزني (٨/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>