للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: لا؛ لاعتراف الراهن بأنه امتثل والمرتهن ظالم، وبه قال ابن الوكيل، وإذا ضمَّناه بترك الإشهاد، فلو قال: أشهدتُ ومات شهودي وصدَّقه الراهن، فلا ضمان، وإن كذبه فوجهان مذكوران مع نظائرهما في الضمان، فإن قلتَ: إذا أذن له الراهن في التسليم، فلم لا يجب عليه تصديقه فيه؟ لأنه أمينه (١).

قلت: إنما يجب عليه تصديقه فيما يدعي تسليمه إليه؛ لأن قوله مقبول عليه ولا يقبل قوله عليه مما يدعي تسليمه إلى غيره هذا ما أذكره الرافعي (٢) في هذا الفرع، وقال الماوردي ما ملخصه: "إن العدل إذا باع، فليس له تسليم الثمن إلى أحدهما إلا بإذن الآخر، بل الواجب عليه أن يسلمه إلى الراهن والمرتهن معًا، أو إلى أحدهما بإذن الآخر، فإن أذن له الراهن في تسليمه كان وكيلًا عنه يسلمه ما لم يرجع، وإن أذن له المرتهن في دفعه للراهن؛ كان إبطالًا لوثيقته، فلو رجَعَ قبل الدفع لم يكن لرجوعه تأثير، وكان للعدل أن يدفعه إلى الراهن" (٣)، كذا قال الماوردي، وهو مشكل؛ لأن مجرد الإذن لا يبطل حقه، ألا ترى أنه لو أذن للراهن في التصرف لم يبطل حتى يتصرف ويصح رجوعه قبل التصرف، وهذا مثله بل أولى، بل أقول: إنه ولو سلم الثمن إلى الراهن بإذنه، فيكون في يد الراهن على حكم الرهن ما لم يحصل من المرتهن إبطال الوثيقة؛ لأن لهما أن يتفقا على


(١) في هامش المخطوطة: "هذه الصورة التي في السؤال على وجهين؛ ذكرهما الرافعي في الوديعة، فيما إذا دفع إليه شيئًا، [وقال له] [١]: ادفعه إلى فلان، فله أحوال: منها: أن يقول: أذنت لك، ولم تدفع؛ ففيه وجهان؛ لكن الصحيح أن المصدق المالك".
(٢) فتح العزيز (٤/ ٥٠٢).
(٣) الحاوي الكبير (٦/ ١٤٤) بمعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>