للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يعضد توجيه المطالبة على الموكل ابتداء في المسألة الأولى، فإنه لما رفعنا الحاكم من البين وجهنا المطالبة على الراهن، وهو في هذه المسألة بمنزلة الموكل في المسألة الأولى، ونص الشافعي فيمن مات وخلف تركة مستغرقة بالدين، فباع الحاكم تركته ثم خرج المبيع مُستحقًّا، قال الشافعي: لا عُهدة على الحاكم ولا طلبه، والعهدة على الميت وتركته.

فإن قيل: إن كان الراهن في المسألة التي ذكرتموها الآن تغرُّرًا (١) برهنه فما سبب تعلق الضمان بذمة الميت في المسألة الأخيرة؟

قلنا: احتواؤه على المغصُوب حتى يتعلق به الدين إذا مات تسبَّب منه إلى تسليط الحكام على البيع، والسبب المضمن قد يقرب وقد يبعد" (٢) هذا كلام الإمام.

وقد كنتُ أستشكل مطالبة الراهن هُنا، ومطالبة الموكل في المسألة الأولى، وأقول: إنه لا موجب لها من عهدة لفساد العقد ولا بد؛ لأن الغرض أنه لم ينته إلى يده، وأي فرق بينه وبين من أمر غيره بالغصب، فإنه لا يضمن لمجرد ذلك بلا خلاف نعلمه، ومسألة الغرور التي استند إليها الإمام، فإن الغارَّ لا مُطالب على المذهب، ولا يمكن في بيع الحاكم إسقاط حق المشتري مجانًا ولا تضمين الحاكم، فلم يبق مَن يُحال عليه الضمان إلا الراهن، فلا بدَّ من تطلب معنى يقتضي تضمينه، ومهما ظهر فيه ظهر في الموكل. وقد ظهر لي معنيان؛ أحدهما: أن المشتري بحكم العقد يجب عليه دفع الثمن لمستحقه، أو من هو قائم مقامه من وكيل أو حاكم، وهو مُلجأ إلى ذلك شرعًا إذا كان العقد صحيحًا أو محكومًا بصحته، حيث


(١) في نهاية المطلب: "مغررًا".
(٢) نهاية المطلب (٦/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>