ذكره الشيخ أبو حامد وغيره، ونقلوه عن ابن سريج فيما فرَّعه على كتاب محمد بن الحسن ولم يقتض كلامهم خلافًا في ذلك، وقال القاضي حسين والإمام (١): "إنهما لو وضعاه عند فاسق، ثم أراد أحدهما أن ينتزعه من يده لم يجز؛ لأنه رضي بيده مع الفسق، فإما أن يكون المراد بذلك أنه ليس له أن ينتزعه بنفسه، بل يرفع الأمر إلى الحاكم"، ويجتمع الكلامان، لكن حمل كلام القاضي على هذا بعيد؛ لأنه عند حدوث الفسق ليس له نزعه إلَّا باتفاقهما أو القاضي، وهو قد فرق بين صورتين، وإما أن يُحمل كلام ابن سريج على ما إذا لم يعلم بفسقه، ويجتمع الكلامان أيضًا، وهو الأقرب، وإما أن يبقى كلٌّ من الكلامين على إطلاقه وثبت خلاف فيما إذا وضعه عند فاسق يعلم به، فعلى إطلاق القاضي ليس له طلب النزع، وعلى إطلاق ابن سريج له طلب النزع، لكن لا يتمكن منه إلَّا بالحاكم؛ لعدم انفراده باليد، والذي يقتضيه كلام الأصحاب أن الموضوع تحت يده ما دام بالصفة التي علماها حال التعديل، لا يُجاب أحدهما إلى طلب النقل، وأما اتفاقهما على نقله من عند العدل، فهو من تفريع ابن سريج أيضًا، وهو فيما إذا وضعاه عنده لا إشكال فيه؛ لأنه إما وكيل عنهما أو عن المرتهن وحده، وللراهن حق معه، فإذا اتفقا على نقله من عنده جاز، وأما إذا كان العدل من جهة الحاكم، فيحتمل أن يُقال: هو ثابت عن الحاكم، فلا يسلمه إليهما إلا بإذنه.
ومن الأسباب المجوِّزة لطلب أحدهما النقل حدوث عداوة بينه وبين العدل.