للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى قوله: "فُضُل" أي، متبذلات في ثياب مهنتهنَّ.

إذا عرفت هذه المقدمة رجعنا إلى المقصود، فنقول: رهن الجارية من المرأة ومن الرجل الذي هو محرم لها جائز اتفاقًا، ومن الرجل الذي ليس بمحرم لها جائز على الصحيح، وفيه وجه سبق، فحيث جاز رهنها لا يجوز وضعها إلا عند امرأةٍ أو ذي محرم أو من له زوجة، سواء أكان ذلك الموضوع عنده هو المرتهن أم غيره، سواء أشرطا ذلك في الرهن أم أطلقاهُ، فإنه يصح، ويحمل على هذا؛ لأنه المتعارف وليس كرهن غير الجواري، حيث جرى فيه خلاف إذا أطلق، ولم يُعين من يكون في يده؛ لأنه لا عُرف في ذلك، وإذا وضعت عند امرأةٍ، فكلام الرافعي (١) وصاحب "الاستقصاء" يقتضي أن تكون ثقة، والمصنف أطلق، وكلام الشافعي مُطلق أيضًا، ولعل كلام الرافعي محمول على ما إذا وضعها القاضي، فإنه ليس له أن يصنع إلا عند ثقة، أما المتراهنان إذا اتفقا على وضعها عند إمرأةٍ، فلا يظهر اشتراط الثقة فيها.

نعم، إن كانت من أهل الريبة، فيظهر القول بالتحريم لمَظِنَّة المفسدة، وإذا وضعت عند ذي رحم محرم، فقد أطلق الشافعي (٢) والمصنف والرافعي ذلك من غير تقييد بالثقة، وهو ظاهر، إذا وضعها المتراهنان، فإن كان القاضي، فالذي يظهر أنه لا بد أن يكون ثقةً أيضًا، وإذا وضعت عند من له زوجة، فقد أطلق المصنف ذلك، وقيده صاحب الاستقصاء بأن تكون الزوجة ثقة، وقيده الرافعي بأن يكون الشخص ثقةً (٣)، فأما تقييد الشخص بالثقة، فيظهر أنه لا بدَّ منه سواء أوضعها المتراهنان أم القاضي؛


(١) فتح العزيز (٤/ ٤٤٠).
(٢) الأم (٣/ ١٥٣).
(٣) فتح العزيز (٤/ ٤٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>