للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد بغير إذن سيده لم يجز سواء أكان بأجرة أم بغير أجرة، وإن شرط أن يكون في يد مكاتب، فإن كان بأجرة جاز، وإن كان بغير أجرة لم يجز، وإن شرط أن يكون في يد صبيٍّ لم يصح، وإن دفع إليه لم يصح القبض، وإن شرط المسلمان وضعه عند ذمي، فإن كان مما يجوز رهنه عنده ووضعه تحت يده جاز؛ لأن الذمي يجوز أن يكون وكيلًا للمسلم، وإن شرط الذميان أن يكون عند مسلم جاز، والتوكيل في البيع على هذا الترتيب، وإن لم يشترط المتراهنان من يكون عنده، فإن كان الرهن عبدًا أو ثوبًا ونحوهما مما ليس من الجواري، فوجهان؛ أحدهما: لا يصح؛ لأنه ليس كونه في يد العدل أولى من كونه في يد المرتهن، فلم يصح إلا بالتعيين.

والثاني: وهو الأصح يصح ويرفع إلى الحاكم، ليجعله على يد عدل كما لو كان الرهن جارية، ولم يشرطا من تكون عنده ولو شرطا أن يكون الرهن عند الراهن.

فأما في ابتداء القبض فلا يصح؛ لأنه لا يقبض من نفسه لنفسه، ولا يكون وكيلًا في القبض لغيره من نفسه، وأما في الدوام بعد لزومه بالقبض، فالذي يظهر أنه يصح؛ لأن عندنا يجوز أن يعيد الرهن إلى الراهن؛ لينتفع به؛ ولذلك صرَّح الأصحاب في المشاع إذا قبضه المرتهن ورضي أن يرده إلى الراهن يكون تحت يده كما يكون تحت يد العدل يجوز، ولا يستحق المرتهن إدامة يده عليه مشاعًا كان أو غير مُشاع، ولا خلاف عندنا في جواز رده إلى الراهن برضا المرتهن، حتى قال الشافعي في "المختصر": "ولو أكرى الرهن من صاحبه أو أعاره لم ينفسخ الرهن" (١). قيل: قصد بذلك أبا حنيفة حيث قال: "إن استدامة قبض المرتهن شرط" (٢).


(١) مختصر المزني (٨/ ١٩٢) بمعناه.
(٢) انظر: الحاوي الكبير (٦/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>