للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن كلام الرافعي يقتضي أن حقيقة هذا الوجه أن لكل منهما أن يفسخ مع أن للحاكم أن يفسخ أيضًا، فيكون الفسخ ثابتًا لكلٍّ من الثلاثة، وعلى هذا يكون للحاكم الفسخ بلا خلاف، وإنما الخلاف في ثبوته للمتعاقدين.

فعلى الوجه الأول: لا يثبت، وعلى الأصح: يثبت لهما أيضًا، ورأيت أكثر الكتب ساكتة عن ذلك، وفي قياسهم على الرد بالعيب ما يمنع منه.

ألا ترى إلى قول الماوردي: "أيهما فسخ صح اعتبارًا بفسخ العيوب الذي يكون موقوفًا على المتعاقدين دون غيرهما" (١)، وألا ترى إلى قول الشيخ أبي حامد بعد حكاية الخلاف أنه حصل ثلاثة أوجه:

أحدها: أن الفسخ يقع بنفس التحالف.

والثاني: بالتحالف وفسخ الحاكم.

والثالث: بالتحالف وفسخ أحدهما.

وكذلك عبر الشيخ أبو (٢) حامد ممن تبعه، ولم يذكروا الحاكم على هذا الوجه، ورأيت في "الإشراف" لأبي سعد الهروي ما يقتضي المنع منه، فإنه قال تفريعًا على أنهما يفسخان، أن معناه: أن القاضي يقول لهما: إما أن ترضيا بأحد الثمنين، وإما أن أحملكما على الفسخ بالإجبار. نظيره المُولِي إذا امتنع عن الفيئة أجبره القاضي على الطلاق بالحبس.

قلت: فهذا الكلام يدل على أن القاضي لا يتولى الفسخ بنفسه على هذا القول، وإلَّا لما احتاج إلى الإجبار، لكنه لما نظره بالمُولي اقتضى ذلك أنهما إذا امتنعا من الفسخ، وداما على التنازع للقاضي أن يفسخ؛ لأجل امتناعهما كما يطلق على المُولي إذا امتنع، ولا يكون له من الأول أن يفسخ، كما يفهمه كلام الرافعي (٣) حتى لو فسخ قبل امتناعهما لم ينفذ،


(١) في المخطوطة: "أبي". والمثبت هو الصواب.
(٢) الحاوي الكبير (٥/ ٣٠٣).
(٣) فتح العزيز (٩/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>