للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس بتفرقة" (١). واختلف الأصحاب في معنى هذه اللفظة، فقيل: معناه: أن الرهن لا يوجب التفرقة، فإن منافع الأم للراهن، فيجمع بين الأم والولد، ويكلفها حَضْنه وإرضاعه (٢)، فإن الرهن لا ينقل الملك بخلاف البيع، ثم ما يتفق من بيع وتفريق، فهو من ضرورة إلجاء الرهن إليه، ومن قال بهذا لم يبالِ بإفراد أحدهما بالبيع، إذا وقعت الحاجة إلى البيع. وقيل: معناه: أنه لا تفرقة في الحال، وإنما التفرقة تقع عند البيع، وحينئذٍ يحذر منها بأن نبيعهما معًا.

قال الرافعي: "والأصح التفسير الثاني: إنهما يباعان ويوزع الثمن على قيمتيهما" (٣)، واستدل الماوردي أيضًا لجواز رهنها "بأن عقد الرهن عليها يجري مجرى إجارتها، بل هو أقرب؛ لأن عقد الإجارة يوجب حبس الرقبة وملك المنفعة وعقد الرهن لا يوجب غير الحبس، فلما جازت إجارتها دون ولدها جاز رهنها دون ولدها" (٤)، وقول المصنف: "لأن الرهن لا يزيل الملك" صالح للتفسير الأول والثاني.

وقوله: "فلا يؤدي إلى التفريق" ظاهر في الثاني، ولصاحب التفسير الأول أن يمنع كونه لا يؤدي إلى التفريق؛ لأنه إذا كان يؤدي إلى البيع عند الحاجة إليه والبيع يؤدي إلى التفريق على رأيه، فهو مؤد إلى التفريق بواسطة. واستدل الشيخ أبو حامد بالقياس على الإجارة والتزويج، وبأنه يجوز أن تكون الجارية في مستدام الرهن رهنًا دون الولد، فكذا في الابتداء، وبأن الولد قد يموت قبل المحلِّ أو يقضي الدَّيْن في موضع آخر،


(١) الأم (٣/ ١٦٣) بمعناه.
(٢) نهاية المطلب (٦/ ١٦٤).
(٣) فتح العزيز (٤/ ٤٤٣).
(٤) الحاوي الكبير (٦/ ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>