للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ياخذ بما حلف البائع عليه.

وقد أطبق الأصحاب على تصحيح هذا القول، إلَّا سلامة المقدسي شارح "المفتاح"، فإنه صحح الانفساخ بنفس التحالف، وكذلك يقتضيه كلام أبي الحسن بن خيران في "اللطيف".

واستدلوا له بحديث ذكروه، أن النبي قال: "إذا اختلف المتبايعان تحالفا وللمبتاع الخيار"، ولا أعرف هذا الحديث، وإنما في الحديث إثبات الخيار للمشتري بعد حلف البائع، والتحالف لا يُعرف له ذكر في طرق الحديث، فأولى الاستدلال بالمعنى لكلٍّ من الوجهين كما فعل المصنف.

ومما استدل به لهذا القول من جهة المعنى: ما ذكره المصنف من القياس على البينة من طريق الأولى، ولأنَّ البيع وقع صحيحًا باتفاقهما، فلا ينفسخ إلَّا بالفسخ كسائر البيوع.

وقد ينقض هذه بمسألة اختلاط الثمار ونحوها حيث قلنا بالانفساح على قول، وكذلك في العبد إذا أبق، ولا جرم ظنَّ ابن الرفعة (١) أن ذلك يجوز أن يكون مأخذ القائل بالانفساخ لا ما ذكر من الاستدلال له، وفيما قال نظر؛ لأن ذلك محله إذا كان قبل تمام القبض، والتحالف ها هنا قد يكون بعد القبض التام، والخلاف جارٍ فيه، وبالجملة؛ فالقول بالانفساخ بنفس التحالف مع علمنا بوقوع البيع الصحيح، وبقاء المبيع على صفته لا وجه له.

وقد أشار المصنف إلى هذا المعنى بقوله: لأن العقد في الباطن صحيح؛ لأنه وقع على ثمن معلوم، وفي ضمن ذلك رد لقول الأول أنه صار الثمن مجهولًا.


(١) كفاية النبيه (٩/ ٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>