للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ينبغي القطع بأنه لا يجوز؛ لأن للميت حقًّا لتبرئة ذمته، فرهن التركة على شيء آخر كرهن المرهون من غير المرتهن، وهو ممتنع جزمًا، وليت شعري من يجوز ذلك إذا اقتضى الحال وفاء دين الميت والدين الآخر، وضاقت التركة عنهما ما يصنع إن قسمت بينهما ضاع حق الميت وبقيت ذمته مشتغلة، وهذا لا أعتقد أحدًا يقول به، وإن قضى دين الميت وبطل الآخر، فلا معنى لهذا الرهن، وهو غير موثوق به، ثم قوله: "وعليه دين مستغرق" إنما يحتاج إلى قيد الاستغراق إذا قلنا: إن الدَّيْن لا يتعلق إلا بقدره من التركة والصحيح أنه يتعلق بالجميع قل أو كثر.

وقال الروياني: "لو رهن الوارث التركة في دين عليه، وعلى الميت دين، قال ابن سريج: وجهان؛ أحدهما: لا يصح؛ لأن غريم الميت تعلق بها.

والثاني: يصح؛ لأنه ملكه ولم يعلق عليه حقًّا بعقده واختياره، والمذهب الأول، ولهذين الوجهين أصل، وهو إذا باع ماله بعد وجوب الزكاة، هل يصح في قدر الزكاة؟ وكذا بيع الجاني خطأ ورهنه؛ لأن الزكاة والجناية تعلقتا بغير الاختيار" (١). انتهى.

وهذا الخلاف الذي نقله الروياني غير الذي نقله النووي؛ لأنه لا يختص برهنها من صاحب الدين، ويكون الوجهان اللذان ذكرهما النووي مفرعين على المذهب، وهو أنه لا يجوز للوارث رهنها من غير غريم الميت.

وقال الروياني أيضًا: "إن الوصي بقضاء الديون لو رهن التركة عند بعض الغرماء لم يجز، وإن كان الغريم واحدًا إن رضى به الورثة جاز" (٢) وإلا


(١) بحر المذهب (٥/ ٢٣٨).
(٢) انظر المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>