الثاني لا يكون إلا بعد فسخ الأول، والأول أصح". هذا لفظ "التهذيب" (١).
وقلت: لعله محمول على ما إذا اختلفا بعد إنشاء الرهن، كما أشرنا إليه فيما سبق، ولم يصدر إقرار بكونه مرهونًا بألفين، وحينئذ يكون ما صححه من الوجهين مبنيًّا على قوله في الاختلاف في الصحة والفساد، فإن الصحيح عنده تصديق مدعي الفساد، لكن عارضني في هذا قوله: إذا قال: رهنت بألفٍ، ثم زدنا ألفًا، وقال المرتهن: بل بألفين؛ القول قول المرتهن ولو لم يتقدم إقرار لوجب القطع بأن القطع قول الراهن، فالتصوير الذي ذكره الرافعي صواب، وكذلك ذكره القاضي حسين، وأجاد في الحكم والتعليل، فقال: إن كذبه المرتهن، فالقول قوله مع يمينه؛ لأن الظاهر معه لسبق الإقرار، فإن قال المرتهن: فسخنا الأول واستأنفنا رهنًا على ألفين. فوجهان؛ أحدهما: القول قول الراهن؛ لأن الأصل عدم الفسخ.
والثاني: القول قول المرتهن؛ لأن الظاهر معه يسبق الإقرار، فقويت جَنَبَته فشرعت اليمين حجة، وأيضًا الظاهر أن العقد الثاني كان بعد فسخ الأول، فكان الراهن أقر في ضمن ما قال من دعوى الزيادة في الدين أنهما فسخا الأول، ونظير الوجهين ما قلنا في الإقرار لو أقر بألف، ثم ادعى أنها لم تصل إليه، وكان صاحب الحق أوصل عنها عوضها إليه فوجهان؛ أحدهما: لا؛ لأنه انتصب مدَّعيًا للبيع.
والثاني: يحلف وإن تصور بصورة المدعين؛ لأن الظاهر معه بسبق الإقرار. انتهى. فتعليله بالإقرار جيد. وصاحب "التهذيب" أعرض عن تعليل الإقرار وأخذ التعليل الثاني فعلل به قبول قول المرتهن وخالفه،